الاثنين، 6 أبريل 2015

الرجال العظام والمسؤوليات 3

بختصار شديد جداً موضوعنا عن معالي أحمد خليفة السويدي .... أطال الله في عمره .

بعد أن حكم المرحوم الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان إمارة أبوظبي في أواسط الستينات، وعندما استقرت أمور الحكم ووضحت معالمها في وجوه شعبها ، وبرزت معالم أبوظبي (أبوظبي -العين - الغربية وجزرها) بنهضتها في بداياتها قبل خمسون عاماً من اليوم .

كان المرحوم الشيخ زايد لديه أفكار عظيمة بعظم شخصيته وغالباً ما كانت شغلهُ الشاغل في تلك الفترة، وأيضاً كانت تتبلور في رأسه (رحمه الله) يوماً بعد يوم .

وفترة الستينات كانت فترة النهوض الكبير ، ليس في إمارة أبوظبي وحدها بل كانت عالمية، لاسيما بعد الحرب العالمية وبعد بدايات الانحسار الاستعماري للدول، وفي بديات التحالف العالمي بين الدول ، وتخلل تلك الفترة أيضاً اطماع اقليمية (اطماع القوي على الضعيف) كل هذه الترسبات المجتمعية والاطماع الاقليمية ولدت لدى المرحوم الشيخ زايد فكرة الحلول السريعة للم شمل الاشقاء بالخليج تحت مظلة إتحادية واحدة وقوية، ولكي تكتمل هذه الفكرة العظيمة والمصيرية لابد من فريق عمل محنك ويمتاز بالثقة والصبر والتفاني والثقافة الواعية لكل الامور لأيصال الفكرة العظيمة وأيضاً للحفاظ على الخليج من أي تدخلات خارجية في تلك الفترة .

ثم الله يرحمه بحث عن شخصية بأمكانها أن تحمل هذه الامانة والمسؤولية وتتابعها من البداية إلى النهاية ، أي مرحلة الانجاز ، ولم يجد رحمهُ الله أنسب من معالي أحمد خليفة السويدي ليقوم بها خير قيام ومتابعتها من الالف إلى الياء، هذا إن لم يكن هو نفسه معالي أحمد خليفة السويدي من طرح الفكرة أو جزءً منها أو صاغها بأسلوب أكثر إدارياً وفنياً وعربياً ودبلوماسياً، هذا بالأضافة للثقة الكبيرة التي أولاها المرحوم الشيخ زايد لهُ ، أو ما نسميها اليوم اعطاء الضوء الاخضر لمعاليه بالمباشرة والبدء في الترتيبات لها، وبعد عدة شهور اكتملت الصيغة وأفكارها ودراساتها (ايجابياتها وسلبياتها ومنافعها المستقبلية) ثم بدأ في التحرك وزيارة إمارات ودول المنطقة شارحاً فكرة زايد للجميع وابعادها الاقليمية لهم .

وبعد مدة ليست بالقصيرة وردت الردود من إمارات الخليج بالموافقات والترحيب مدعومة بدعم شعبي كبير .... و أيضاً من قطر والبحرين، على أساس تسع إمارات خليجية .... وعند الاجتماع الكبير للتوقيع على معاهدة الاتحاد او توقيع وثيقة الاتحاد الرئيسية انسحبت قطر والبحرين لأسباب هم يرونها مفيدة لهم ولمصالحهم .

أما الفكرة (فكرة زايد) استمرت في نجاحاتها بكسبها أول اتحاد عربي إماراتي حقيقي مستمر إلى يومنا هذا لله الحمد، ونجاح سبع من تسع يعتبر مكسب ونجاح عظيم للشعوب ... وتحسب أيضاً لذلك الوسيط العظيم أحد أبناء إمارة أبوظبي (معالي أحمد خليفة السويدي) وايضاً تسجله تلك الطلعات المكوكية في ذلك الزمن تنفيذاً لتوصيات حكيم العرب المرحوم الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان .

كم كنت أود أن تعلم أجيال اليوم من الابناء والبنات أن لديهم رجالات فعلاً عظماء في كل شيء، وكانت عقلياتهم تتمتع بالوطنية ولم الشمل العربي والاقليمي بكل مصداقية .

وها نحن اليوم في دولتنا الفاعلة والفعالة بالعالم، وذات وزن كبير جداً وأيادي خيرها تلف العالم من أقصاه إلى أقصاه ويعيش بها 220 جنسية مختلفة بأمن وأمان لله الحمد وبتناغم مع مؤسساتها الحكومية وشبه الحكومية .... وكم يسعدنا عندما نرى دول العالم تتسابق في تعاونها معنا لكسب صداقاتنا بالتعاون الشريف .

وكل هذا ما كان لو لم يكن هناك رجال عظام تؤمن بالوحدة والمسؤوليات مثل معالي أحمد خليفة السويدي أطال الله في عمرهُ .... وأنا على يقين بأنهُ وفي غرارته يقول كل يوم بأننا فعلاً نجحنا بنجاح الوطن الغالي .

ما جعلني أكتب عنه هو بسبب احترامي الشديد لهذه الشخصية العظيمة وبتعاطفي معهُ بسبب فقدانهُ لشريكة عمرهُ وحياتهُ (وفاة زوجتهُ قبل يومين) رحمها الله وأسكنها فسيح جناته ....وهو واقفاً شامخاً يصافح المعزين  .... ولكن ألله دائماً مع عبدهِ .... وعوضهُ بالحب الكبير من أبناءه وبناته وباقي أفراد الاسرة والعائلة الكبيرة .... وكاريزما معاليه الايجابية جعلت كلٍ من يعرفه ينتمي إليه ويفتخر بهِ .... فعلاً كان ولازال جزءً كبيراً من أبوظبي بجانب كل المناصب والمسؤوليات .... والحق يقال في أهله .

محمد غيث بن مهاه المزروعي .










الأربعاء، 1 أبريل 2015

تدوين الخبرات

على طاولة الغداء ... أمس مع أبنائي وبناتي الاحبة، كنا نتبادل الحديث في أمور مختلفة كالعادة .
إبنتي فاطمة علقت على موضوع الخبرات الغير مستفاد منها !!

سألتها: ماذا تقصدين بالخبرات الغير مستفاد منها ؟

قالت: كما تعلم يا أبي عندما يعمل الرجل أو المرأة لمدة ثلاثون أو أربعون عاماً وكلٍ في مجالهُ ومضروبين بأعداد الجميع (القوى العاملة) في مختلف الحقول الادارية والفنية وغيرها من الحقول المهمة بالوطن، وقبل مغادرتهم للتقاعد، لو كلٍ منهم ألف كتاب عن تلك الخبرة التي اكتسبها على مدى تلك الاعوام الثلاثون في حياته العملية لوضع أو وضعوا كنزاً كبيراً بين أيادينا نحن الاجيال الجديدة لا يستهان بهِ .

ممتاز يا فاطمة ... هذه فكرة راقية جداً ، ولكن قد تكون هناك كتب من تلك الافكار بالمكتبات أو بقوقل مثلاً .

فاطمة: أنا اقصد يا أبي من واقعنا نحن ومن شخصيات لامست المجتمع الامارات والخليج وتعاطت مع تلك المشاكل ووضعت الحلول المناسبة لها على ارض الدولة وعلى ترابها، أقصد خبرات من واقعنا مكتوبة في كتاب كبير، او دعني أقرب الفكرة أكثر يا أبي ... مثلاً من عمل بالبلدية وتنقل بين أقسامها على مرور تلك السنوات، يكون هذا الانسان مشبع بالمعلومات والحلول عن البلدية، وتصور عندما تدون هذه الخبرات الكبيرة في كتاب بكل ما فيها من حلول وصعاب ومواقف تم معالجتها، ليس بالضروري أن يكون الكتاب متخصص أو مركز وعلمي .... لا  قد يكون على هيئة قصة أو رواية أو سالفة أو بأي طريقة تناسب ذلك الانسان .

وتكمل فاطمة: هناك مواقف تم وضع حلول لها بشكل ارتجالي مثلاً ... وعلى سبيل المثال طرق التنازل عن الاراضي للاقارب أو وضع خطط للطرق أو طريقة وضع المساحات قبل إنشاء المدن واصدارات المعاملات والاذون للبنيان (انشاء المباني) وماهي طرق وضع ما قبل وضع المواصفات والمعايير وتصاريحها، وكيف تتحدد أشكال المباني والبنايات وماهي المقاييس وما دار بتلك الاجتماعات وكيف توصلوا للحلول المناسبة لهل، وغيرها الكثير من المعاملات اليومية والمواقف التي مرت عليهم بمختلف أنواعها ، وكيف تتم عمليات الرسوم وطرق تحصيلها .
وأكملت: نحن على يقين بأن هناك الكثير من تلك الخبرات التي لم تدون إلى اليوم .... وعندك مثلاً وزارة الخارجية وشركات البترول والمالية والديوان والاشغال وغيرها وغيرها الكثير ... وحتى الامن والجمارك ... (لك يا حمد) .... يا هي خبرات طويلة مهدورة إن لم تدون في الكتب .

ماذا يا فاطمة ان عجزوا عن كتابة خبراتهم ؟؟

لا يا أبي .... الانسان العاقل دائماً حريص ويود أن يفيد مجتمعهُ والاجيال القادمة ويساعدها في بحوثها الدراسية من خلال ما خلفهُ من كتب عن خبرات تلك السنوات الطويلة، وتصور متطلبات المواد التي يتوقف عليها الطالب أو الطالبة قبل التخرج ... بكل هذه الخبرات الكتوبة والمدونة، بل هي حقول من المعرفة وذات فائدة عظيمة للاجيال ولكل المجتمع .... وأنا على يقين بأن الحكومة ستطلب من الجميع يوماً بأن يساهموا في تدوين خبراتهم القيمة في كل شيء .... حقيقةً أنا لا اتصور أنسان خريج وعمل ثلاثون عاماً أو أربعون تصعب عليه تدوين خبراته اليومية أو تكون لديه وفي رأسهُ على طول هذه المدة الطويلة أن ينقلها إلى كتاب يستفاد منه .... وصدقني يا أبي لو كتب هذا الانسان صفحتان بخط اليد يومياً في دفتر جانبي عن كل موقف يومي ووضع الطريقة التي عالج بها في تلك الايام ، لحصلنا منه على كتاب من ستمائة صفحة بالعام بعد خصم الاجازات ... ومضروباً بعدد سنوات عمله .. يا سلام .... بأمكانه أن يعطينا عشرة كتب كامعدل وسط تستفيد منها الاجيال والجامعات والكليات والباحثين ... وتعتبر مراجع لايستهان بها ونعود لها متى شئنا .... ولكن المطلوب أو نتمنى أن يعطي كل واحد أو واحدة (مواطن) الذين خدموا الوطن مدد طويلة كتاب واحد فقط .... تصور عندما تبحث عن الحلول في مجالات مختلفة ولا تجدها، تجعلك تضاعف أوقات التأخير والتحصيل في توسعة الافق العامة (المواد المعرفية المطلوبة عموماً) .... إذاً هناك أهمية كبيرة وأهمية شديدة لمثل هذه الخبرات المدونة .

ثم تتوقف إبنتي فاطمة: وتشرب القليل من العصير .... وتكمل: كم نحن محظوظين بوجودك بقربنا وبجانبنا .... داعماً ومثقفاً ومعلماً لنا .... صدقني حتى بعد أن تخرجنا أصبحنا في أشد الحاجة لكَ يا أبي .... ما شاء الله عليك ... كلما سألنا عن موضوع إداري أو فني أو قانوني أو في أي شيء قد يفيدنا في عملنا اليومي ونحن نخدم الوطن نجده لديك .... حقيقة والحقيقة تقال بأن المواد التي وضعتها في دراساتي وبحوثي الجامعية أغلبها من عندك وصراحة هي التي دعمت درجاتي ونتائجي العليا وكانت السبب الرئيسي في تفوقي وتحصيلي في النتائج النهائية .

وأنا كا أب تكفيني هذه الاشادة والاطراء الحقيقي من ابنتي فطوم .... ويحفزني أن أعطي أكثر للجميع وليس لها فقط .

يا فاطمة الهامور برد والمرقة بردت وأنتي تشرحين موضوع (تدوين الخبرات) .... اتركيها لهم، هم الان يقرأونها وأن أمنوا بها ثقِ بأنهم سيطرحونها كأقتراح لمن اراد أن يدون خبراته ..... وقد تكون هناك محفزات لهم من الحكومة بشكل تشجيع لهم .... وأقربها على القلوب هي المحفزات المادية .

تمت
محمد غيث بن مهاه المزروعي .