الجمعة، 28 فبراير 2014

ألامطار الاخيرة و صمعى ليوا ... قصة قصيرة

ليوا جنوب أبوظبي .. ألمنطقة الغربية ..... وعد أبو مطر أبنه الصغير مطر بأخذه معه بعد يومين الى الغدير المائي بسبب الامطار الاخيرة ..... بقلب الصحراء ، خارج محاضر ليوا من الجنوب، منطقة لا تبعد كثيراً عن (تل مرعب) حيث تكون بها غدير مياه عذبة كثيرة وكبيرة، وعمل أبومطر مركب شراعي وأسماها (صمعى ليوا) وهي عبارة عن محمل او مركب بطول متر ولهُ شراع ابيض اللون .

وجعلهُ مفاجأة لابنه الصغير مطر ، أبو مطر كان يعلم بأن تلك المنطقة بالتحديد ستعمل غدير المائ، نسبة لكمية الامطار التي هطلت على (منطقة الغربية لابوظبي) وخصوصاً ليوا، وسبب علمه المؤكد هو مرافقته لابيه أيام زمان بالسنين الخوالي وعندما كانوا يرعون أبلهم بها، لذلك هو متأكد ودون شك بأن لابد أن يكون الغدير كبير والطبيعة بجانبه خضراء ودنياها ربيع ومناظرها خلابة وساحرة .

رتب أبو مطر خيمته وأكد على أم مطر وباقي الاطفال بتجهيز انفسهم لهذه الطلعه المخطط لها والجميلة وبأجواء غائمة باردة مملوءة بالاوكسجين النقي ، الطلعة ستستغرق عدة أيام كاملة 3 - 4 أيام ، أم مطر ماذا عسانا نأخذ معنا يا بو مطر؟ ..... خذي مير يكفي لاسبوع يالغاليه ..... سنذهب الى مكان لا يعلم به الا الله وأنا فقط .

اليوم الموعود ، أبومطر يالله يا فروخ (يا عيال) اركبوا السيارة ..... أم مطر .. وين بتودينا؟! ..... أخاف أنها منطقة مقطوعة وبعيد عن البشر ! .... افا عليك يالغالية، هذا مكان يحلموبه الجميع .... وحذري اتخبرين حد .... وشرط ان لا تخبري أخوانك عنه رجاءً ..... أبومطر يقود السيارة ساحباً التريلا خلفة مملوءة بكل شيء تقريباً ..... أنشاء الله .. ردت أم مطر ..... يا أم مطر حطيلنا سي دي جابر جاسم وطربينا فوق طربنا هذا .... فرق أبو مطر من طريق الكدش الى طريق أخر هو يعرفه فقط وليس مرسوماً على الارض ، أم مطر وين بتذلفنا؟ اشوفك فرقت عن الطريق؟ ..... افا عليك من خذتك (تزوجتكِ) وأمورنا طيبه ..... وما هناك فرقا لا في حياتنا ولا في طريقنا هذا يالغالية .... أقرأي أية الكرسي وحطي الرحمن في قلبك  ....... وبعد مرور 40 دقيقة وبدون طريق مرسوم على الارض وصل أبو مطر الى غدير الحُب ، غدير أم مطر ..... أم مطر فديتك يالغالي تخبرني كيف تعرف وكيف توقعت ومن متى هذه المنطقة في رأسك ؟ !!!!

أخر مرة زرتها كانت مع أبي قبل ثلاثون عاماً ..... غريب أمرك ولديك ذاكرة قوية يا بو مطر تقول أم مطر...... قبل أن يتوقف بالسيارة أبومطر تعمد أن يزور ويطلع على هذا الموقع وهو يقود السيارة من رأس كثب رملي الى أخر .... علماً بأن الكثبان الرملية صلبة الطبيعة بسبب تلك الامطار ...... أم مطر ....أرجوك أن تناظر كل تلك الغيوم كيف تحولت الى هذا اللون البرتقالي العجيب يا بو مطر .... أكيد يالغالية وبسبب غروب الشمس الجميل أهدتنا هذا المنظر العجيب ..... يا حلوين بعد قليل ستظلم الدنيا ... واحتاج لمساعدتكم في نصب الخيمة وتجميع بعض الخشب الميت فقط ..... وفي الصباح سنذهب الى الغدير ونلعب .... وانا متخوف قد يكون الغدير عميق .... عموماً استمعوا لامكم ولي ..... هناك نخلتان توقف بجانبهما ..... لسبب جمال المنظر .... خيمة ونخلتان وغدير ماء .... هل هناك أجمل من هكذا منظر؟ .... أم مطر ترمق أبومطر بنظرة أعجاب وتقدير او قد يكون شيء ما في خاطرها لم تفصح عنه أمام الاطفال .... ولكنها لاحظت أبومطر وتلك الابتسامة التي تعرفها وتعرف أهدافها .

نزلوا جميعاً من السيارة ذات الدفع الرباعي ..... أنتشروا الاطفال ركضاً وصراخاً ولعباً ..... أنشغل أبو مطر بأنزال الخيمة ..... وسمع ضحكاتها أم مطر .... ولتفت اليها ورأها بدون عباة ولا ما تحتها ونشلت شعرها كالطفلة تركض هنا وهناك خلف بناتها لعباً وغناءً ..... رد عليها أبو مطر حطي العباة على رأسك .... حطها على رأسك أنت تقول أم مطر .... نحن في مكان لا يعلم به الجان الازرق وتطلب مني وضع العباة !!!! أنت في حلم أو علم يالغالي؟ ..... كم حلمت بأن افارق هذه العباة واركض كالطفلة البريئة .... وهذه فرصتي لثلاثة أيام بدون عباة او شيلة ..... أبومطر يضحك ويردد أين أنتِ يا حماتي؟ ..... أغاني جابر جاسم أعطت جو أخر للرحلة وأم مطر تردد كلماتها وهي في سعادة كبيرة .

يا أم مطر حاولي مساعدتي في نصب الخيمة .... انا سأمسك عمود الوسط وانتِ اربطي الزوايا الاربع اما باقي الاطناب سنربطها لاحقاً ..... واحدى الزوايا اربطيها بالنخلة .... وتم نصب الخيمة بأتجاه مباشر الى الغدير .... والان حبيبتي سأذهب بالسيارة لجلب الحطب لاشعال النار ..... سحب التريلا معه وبعد نصف ساعة اتى بها ملئا من الحطب .... وأشعل النار لتدفئة الجميع ..... علماً بأن برودة تلك المنطقة قاسية جداً وتصل الى الصفر في بعض الاحيان وفي تلك الفترة من السنة (شهر واحد) ..... أبو مطر يطلب من أم مطر ترتيب الفرش للاطفال لانه متأكد بعد العشاء سيغلبهم النوم وبعد كل هذا التعب واللعب .

أم مطر .... ماذا في خاطرك مني للعشاء يالغالي؟ على هذا الجو والخيمة لا ينشهى الا مكبوس الدجاج مع الروب والبطاطا المشوية وبلمساتك السحرية سيكون أحلى من أي عشاء باريسي بفندق جورج الخامس او مطعم مكسيم الباريسي .... شتقول يالغالي ؟ .... اسمه مكبوس وليس مكسيم ردت ام مطر ..... توكلي على الله الي تسوينه زين .

تعشوا وناموا الاطفال .... ابومطر .. لدي صديقاتي وهن مجموعة نجوم لا زلت أتذكرهن .... ورؤية النجوم في هذه المنطقة تختلف عن كل مناطق العالم .... دعينا نطفىء الضو جزئياً وتعالي بجانبي وستلقي على ظهركِ حبيبتي لاريكِ صديقاتي النجوم .... وعندما تسلقت أم مطر وناظرت السماء وتلك النجوم الكبيرة والمتلألأة .... فعلاً استغربت المنظر.... هناك نجوم تغطي السماء وكل الافق .... وقال ابومطر لها والان يالغالية تأملي بأننا نطير او نغوص بهذا الفضاء الكبير .... فعلاً يا ابومطر أنا الان اتخيل هذا الشعور ... لانها ليست فوق فقط بل هي في كل مكان هناك نجوم .... والان يقول ابومطر سأريك صديقاتي .... هناك بالجنوب رسمة عبارة عن مجموعة نجوم على شكل وجه امرأة .. وهي أنتِ .... انا لا اراها تقول أم مطر ..... أنتِ مستعجله ولهذا السبب لن تريها أبداً .... اهدءي حبيبتي وركزي وتابعي مع أصبعي .... هن سبع نجوم كبيرة وبينها نجوم متناثرة صغيرة تكمل ذلك الوجه النسائي .... نعم نعم والوجه متجه الى الشمال تقول ام مطر ..... صحيح يا حبيبتي .... ولكن هذا الوجه لا يرى الا في هذه المنطقة .... الانها بعيد جداً عن الاضواء .

أم مطر هل سنمضي الليل نفتش عن النجوم ؟ .... وأم النجوم مستلقية بجانبك حبيبي؟!! .... ورد عليها ابومطر .... دخيل هذه العيون وهذا الجسم الساحر .... هل لي بشيء يا ام مطر ؟؟؟!!!!

وبالصباح الباكر سمع ابومطر الاطفال .... وشم ريحة القهوة .... وكل خمس دقائق ام مطر تتنحنح لتصحيه من النوم بشكل غير مباشر .... أنتوا ما تخلون أحداً يرتاح بنومه .... هذا ليس منك بل من مراقبة النجوم ليلة البارحة يا بومطر ..... يضحك أبو مطر لا لا لا بل من أم النجوم المستلقية بجانبي .... اتعبت نجومها واتعبتني يرد ابومطر . 

هل لي بفجان قهوة يالغالية؟ ..... لدي مفاجأة لمطر والاطفال ..... ماهي يا حبيبي؟ .... سميتها صمعى ليوا ..... وماهي هذه صمعى ليوا؟!! ..... صمعى ليوا عبارة عن مركب بحري بطول متر تقريباً ولهُ شراعان وسأربطه بحبل طويل ليساعدهم في سحب المحمل او الصمعى عندما تبحر الى وسط الغدير ...... أنت دائماً تأتي بأشياء لم نتوقعها كلنا ونهايتها تفرحنا كلنا يا بومطر ..... سترين الان يا حبيبتي ..... تعالي معي الى الغدير وهاتي معك كأس لنشرب منه ونؤكد وصولنا اليه بشربنا مياهه .

لحظة يا بو مطر ..... ارجوك ان تناظر كل هذه الطبيعة الخضراء والجميلة .... يا سبحان الله .... صراحةً لم أكن أتوقعها بهذا الجمال البارحة تقول ام مطر .... ركضت عنه الى الاطفال والغدير الذي يبعد مائة متر من الخيمة .... والتجه ابومطر الى السيارة لحمل الصمعى معه الى الغدير ... ويقول في خاطره ... ام مطر تريدني أن أركض خلفها الى الغدير ... ولكن بعد ليلة البارحة من أين لي الركض .... استهلكتني كما يستهلك البعير .

مطر في السابعة من العمر ..... والاطفال في هذا السن تنطبع هذه الرحلات والالعاب والمناظر في عقولهم وذاكرتهم بشكل يختلف عن الانسان الكبير .... مطر يرى والده يحمل السفينة (صمعى ليوا) وهو يغني متجه الى الغدير ، مما جعل كل الاطفال يتجهون لهُ ركضاً .... وصلوا الى الغدير جميعاً ..... وهنا قال أبومطر اولاً عليكم الاستماع لي ولشرحي لكم عن هذه السفينة الجبارة والتي لن تخذلكم في أبحارها .... اولاً نرفع أشرعتها ونراغب اتجاه الهواء ونوجه تلك الاشرعة الى قلب الهواء، وعليها الانطلاق من جهة دخول الهواء لنضمن ترس اشرعتها وابحارها بشكل مناسب ، وهذا الحبل الطويل لابد ان تكون نهايته بأيديكم ولا تتركوه يفلت عنكم ابداً، ووجوده هو لسحب السفينة عندما تصل الى منتصف الغدير .

ولكن عليكم ان ترددوا هذا البيت ( اشراع ابوية ابيض .... ابيض شرى القرطاس .... محملنا فوق الموي .... شد أنتباه الناس) .... يالله رددوها مرتين ولي بيغلط (يخطىء) لن يلعب بها .... وبقى هذا البيت او الحدوة على السنة الاطفال الى ان شبعوا .

ابو مطر مر بحادث خطير في ايامة الاولى عندما كان يعمل لاحدى شركات البترول وبسبب هذا الحادث بترت ذراعه .... يعني هو بيد واحدة .... ولكن من يعاشرهُ يلاحظ بأنه متمكن من كل شيء  ..... وتعود على الحياة هكذا ... في بعض الاحيان تصعب عليه بعض الامور والتي تستدعي تدخل ام مطر او أحد الاطفال .

وأخر اليوم ..... الابن مطر لم يقبل مغادرة الغدير الا والسفينة معه .... وصل ابو مطر ليحاول حمل السفينة .... ولكنها ثقيلة بعض الشيء .... ثم طلب من مطر ان يربها بشجرة الارطا بجانب الغدير .... وافق مطر على الاقتراح ..... وطلب ابو مطر من ابنه مطر سحب السفينة الى البر .... انتبه مطر الى عدم مقدرة والده في سحب السفينة بيد واحدة ..... قفز وسحبها هو من الغدير وربطها بالرطاه .... وهو يركز ويفكر بوضع أبيه الصحي وبأنه بيد واحدة فقط .... ولكن لديه أحساس بأن والده يحبه الى درجة كبيرة .... قال مطر .... انا اعلم وضعك يا ابي ..... ولكنك ستبقى والدي الحبيب ..... وحتضن والده وسقطت دمعة من عينيه .... وهو يحتضنه .... انا أحبك يا أبي .

بن مهاه













الثلاثاء، 25 فبراير 2014

قصر الحصن وحصن الجدود

1 . يوزع أنغامه ..... في حقول القمر .... ويودع نجمه في شفاه الصغار ..... ويول ببندقيته .... الصغيرة على أنغام العيالة والرزيف ...... في مهرجان الحصن ..... ويشعل أحلامه في الليالي

2 . التي تركتنا هنا ...... في انتظار ..... ابتسام القدر ليقبل هذا الذي ..... يجلجل بالفرح ...... صوت المطر ...... وتأتي البشارة بضوء الماضي لقصر الحصن .

3 . وسط هدووء الصخر ...... وتنشق غيمة هذا الفضاء ..... المعلق فوق المدى المزدهر ...... وسط الصراخ وسط الغناء ...... وسط الماضي البعيد .

4 . تاريخ ينتصر ...... الحصن ينتصر ...... اذاً يجب ان نحتفل ...... نعم هو ييول ببندقيته الصغيرة ..... كأنه يتلمس تاريخ هذا الحصن ...... له حق .

5 . في كل رقصة ...... في كل يوله ..... وعليه أن يقذف بها عالياً (يغلاها) ويلتقطها ..... كما فعل جده وأبيه ..... توقف بالاستراحة ..... وقال أنا افتخر ..... اجدادي وابائهم .

6 . من بنوا هذا التاريخ ..... هذا الصرح الكبير ..... قبل أن يأتي أحد ..... قبل أن يأتي الغريب ..... كل حجر بالحصن يهمس ..... أين هم ؟ ومن تلك الوجوه ؟

7 . لماذا يتظاهر الجميع بمعرفتي؟ ..... هناك انامل وهناك اذرع شمرت عن نفسها وشيدتني ..... ولكن أين ذهبت ؟ ...... هم فقط لهم الحق ..... أن يحتفلوا بي ..... ذلك الصغير يتنومس .

8 . من قلبه ..... الله كم تعبت تلك الايادي ..... في نقل تلك الاحجار ..... وجص البحر وخليج المحبة ..... وشيدتني دون مقابل ..... بوطنيتها بحبها لعزها لشيخها ...... كأنني اراها وهي تعمل .... وهي تبتسم ..... والاستعانة بالله اسمعها ..... بأساساتي وجدراني .

9 . يقول الولد الصغير ..... هذا حصن أجدادي ..... شيدوه رمزاً لوطننا الكبير .....لشموخنا الكبير ..... لفرحنا ..... لحبنا ..... لعزنا بذلك الصرح الخطير .

10 . الليلة هي ليلتي ..... وليلة حصننا ..... حصن أجدادي .... حصن شيخنا وعزنا ..... حصن الوطن الغالي ...... ستبقى الحصن الذي يحتضننا ..... ونحتضنه بقلوبنا وبأرواحنا .

11 . فل تبقى الى الابد هكذا شامخاً ...... يا حصننا يارمزنا العظيم .

بن مهاه






الأحد، 23 فبراير 2014

رومنسيات وخواطر ... 8

69 . سنحلم يا حبيبتي ..... نمشي نغذ السير ..... ونحكي فيه أفراحاً وبشرى الحُب .... هنا على ارض الوطن ..... أنتِ حباً لست أنساه .

70 . فتلك واقعة حبنا ..... ألم تأسركِ يا حبيبتي؟ ...... الم تعجبكِ؟ ..... وفيها المنبع الصافي ...... وفيها النرجس الغافي ....... بحضن حُبك الدافي .

71 . في تلك الواقعة صليت ...... وفي وهداتها ناديت ...... على ذكرى لعينيها ...... اعلم بأنكِ لستِ هنا ...... ولكن دعيني أستمر في مخاطبتكِ ...... دعيني أتلمس .

72 . وجنتيكِ بشفتي ....... أنتِ لم تغادري! ...... دعيني انسج من ضفائركِ سواد الليل ..... ألم تأسرك ذكراها يا قلبي المسكين؟ ...... الم تفتقدها؟ اذاً لماذا

73 . تكتب عنها؟ ...... هل لانك بحثت عن من يجالسك مكانها ولم تجد؟ ......الا تشتاق مرأها؟ ....... لتشرح لها الذكرى ونجواها ...... أنتِ لستِ هنا ..... فقط أحياكِ

74 . بأوردتي ...... أنا اعايشكِ كل لحظةً بتلك القوة ...... بذلك الانتماء ...... هل لكِ أن تعودي ..... من جنات الخلد؟ ..... من تحت التراب ..... هل أنتِ حقيقة والحياة كلها حلم؟

75 . لعلي في قطار العمر ..... تلقاغني والقاها ...... الا تعلمون كم هي او كانت مدرسة ...... للعشق والحُب ....... ومن يفتقدها ...... قد خسر الكثير ... لا ... لا ... لا ....بل كل شيء .

بن مهاه

السبت، 22 فبراير 2014

عفراء وعبيد ... قصة قصيرة

وصل الاستاذ عبيد الى منزله تعباً من العمل ، يكتم صراخاً يضج به صدره، مستغرباً .... اذاً أنتهى كل شيء ولم يعد هناك شيء .... قبل أن يهم بالدخول بالفيلا الكبيرة والواقعة بأحد أحياء أبوظبي (أميرة المدن) ..... وقف في المدخل امام درج البوابة الرئيسية مسترجعاً مشهداً كان يتكرر مراراً كلما وصل الى هذه الدرجات من عتبات مدخل الفيلا، يستغفر الله ويفتح البوابة بمفتاحه ويردد بعض جمل الود معلن وصوله .

يا غزالٍ أحبه وودي شوفته، ليعاد ضوانا الليل ودي ضمته .... هي (عفراء) تعودت سماع هذا البيت كلما دخل المنزل .... وتعلم عفراء بأنه يموت فيها حباً، وعفراء تبادله نفس الشعور وأكثر، كل يوم تستقبله عند عودته وتنتظره على ذلك الكرسي الكلاسيكي بجانب الدرج الداخلي للفيلا، وبمجرد دخوله تقف وتتجه اليه بثلاث خطوات وتحتضنه عدت ثوانٍ ويضمها بلهفة وشوق ما خف ولا فتر يوماً طوال عمر زواجهما المديد (ثلاث عشر عاماً)

صعد الدرج متثاقل ودلف الى الغرفة الاخرى التي حولتها عفراء الحبيبة ورفيقة الدرب الى مرسم خاص بها، بعد أن كانت مجهزة بأثاث الاطفال (الذين لم يقدر المولى بقدومهم)

طريقة صف لوحاتها على جدران الغرفة فعلاً تدل على أنها معرض لوحات وجداريات عفراء، ورائحة الغرفة ممزوجة بروائح البخور والطيب المحلي وروائح الالوان الزيتية، توقف عبيد عند اللوحة التي لم تكتمل بعد والتي لا تزال على مسند الرسم الخاص، وهي كانت اللوحة الاخيرة قبل أن تنتقل جميع اللوحات الى المجمع الثقافي بجانب قصر الحصن بأبوظبي لمعرض عفراء الاول ..... اما باقي اللوحات كانت معلقة على جدران الغرفة بشكل غير مرتب و مقصود .

قالت عفراء حبيبي سم بسم الله قبل أن تدخل .... الاسبوع القادم ستنتقل كل هذه اللوحات الى المعرض المصاحب لحتفالات (أبوظبي بقصر الحصن) اما اليوم فهي معروضة لك كلها يا حبيبي ولوحدك، اتشرف بفتتاحك لمعرضي كما افتتحت قلبي وجعلته مسكن خاص بك .

انا متأكدة .. رأيك مهما كان باللوحات سيبقى يعجبني وسأحترمه ومن خلاله ستتقيم هذه اللوحات يا حبي ..... عبيد سأبدا بهذه اللوحة .... عفراء كما تشاء يا حبيبي  .... كانت اللوحة عبارة عن صورة امرأة بحديقة زهور وتقود طفل بيدها اليسار وهي تؤشر الى الطيور .... فهمها عبيد وعلق بأنها جميلة جداً ...... ثم انتقل الى اللوحة التالية وكانت لامرأة على جمل وطفلها بحضنها والغافلة تسير بين الكثبان الرملية .... ولتفت بستغراب لزوجته عفراء ..... ثم أكمل باقي اللوحات ..... والتالية كانت ايضاً لاْمرأة ورجل وهي تشير الى مجموعة العاب للاطفال كأنها تقول ما أجملهم ..... بدا الوجوم على ملامح عبيد وقال بنبرة متحشرجة ..... لم افهم الاشيء واحد .... ردت عفراء ماذا يا حبيبي؟ فلم ينتبه لسؤالها وستمر في مشاهدة باقي اللوحات، بينما وقفت عفراء بمكانها تفكر في تلك الكلمات الغير واضحة منه ..... ومستغربه عدم فهمه لتعابير تلك اللوحات ..... وبينما هي مسترسلة بأفكارها انتبهت ووعت لتلك الصرخة المدوية التي اطلقها عبيد الزوج من صدره وحنجرته .

يا الله سامحني يقول الزوج عبيد، كيف لم أنتبه؟ وكيف لم أفهم؟ كيف؟ كيف؟ حاولت أن تهدئه وأن تحتضنه .... ولكنه دفع بها الى الجانب الاخر من الغرفة ..... أرجوك يا عبيد يا حبيبي ما الذي حدث؟ ولماذا كل هذا الهيجان ؟

هل ترين لوحاتك؟ هل لك أن تشرحي عنوانها او لماذا تهدف؟ انها تشرح تشوقك للاطفال، وجميع اللوحات تقول بأنكِ تعانين حرمان الامومة .

ارجوكِ لاتوضحي لي أكثر، انا تسببت بأنانيتي لكِ بهذا الحرمان ..... ومنعتكِ من اغلى شيء لدى المرأة وهي (الامومة) ...... اين سأذهب من ربي ؟ ..... خرج من الغرفة وهو يبكي كالطفل وينحب كثيراً ..... وردد سامحيني سامحيني يا حبيبتي لم استطع أ، اكون الزوج الكامل سامحيني ..... لم تجدي معي كل العلاجات الطبية ..... وقفزت اليه وحتضنته طويلاً ودموعها بللت كتفه ..... وهي تردد .... أرجوك افهمني لم اقصد .... وأقسم بالله بأني لم أقصد الذي يدور بخلجانك وفكرك ..... أنت الغالي يا عبيد وأنت زوجي الحبيب وأنت حياتي كلها ورفيق دربي الذي ليس لي غيره .

الزوج عبيد انا لا اقبل أن تستمر تعاستك لحساب سعادتي وراحتي يا عفراء .... وهل هناك أنانية أكثر من هذه ؟

وقبل أن ترد عليه أحكم قبضته على لعقال والغترة وغادر الغرفة والفيلا .

وبعد مرور شهر عاد الى تلك الفيلا والغرفة الفارغة الا من لوحاتها الجميلة عفراء، ولكن كل ذلك يفتقد لمسات عفراء وروائحها ( عفراء طلقت وبمنزل ابيها) .... ودلف الى تلك الغرفة التي تسببت في نهاية قصة حب ناعمة وجميلة ومفعمة بكل معان الترابط والحُب الزوجي .

انا اقول مهما تجلى الحب والترابط بأعلى درجاته ومعانيه لا يصل الى الرغبات الفسيلوجية للانسان .... امرأة او رجل وتلك الاهداف والرغبات والامومة الطبيعية والابوة الحانية ..... والاشتياق لهذه النعمة الربانية على البشر .

بعد مرور عدت سنوات أخبارها (عفراء لا تزال تصل اليه بطريقة او بأخرى متتالية ..... تزوجت عفراء بعد سنتان من الطلاق .... ومرت السنين .... واليوم لديها ولد وبنت من زواجها الثاني ومن ابوعيالها الدكتور هلال .

اما عبيد لا يزال يسعد لسعادتها ويفرح لفرحها ..... ولكن من خلال الاخبار وعن بعد شديد وحترام ملتزم للخصوصيات .

بن مهاه














الثلاثاء، 18 فبراير 2014

رومنسيات وخواطر 7

59 . أشتقت لكِ .... أفتقد الكثير ..... أبتسامتكِ ..... نظرات الاشتياق ..... لعينيكِ ..... لشفتيكِ ..... لروحكِ الجميلة والخفيفة ..... لكلمة ... (وينك ؟) .

60 . كلمت نفسي بصوت مرتفع مسموع ..... أسألها .. عنك!! فبتسمت! ..... هل أنا مأخوذاً بها الى هذا الحد ؟! .

61 . لماذا يا حياتي ..... كلما سهيت عنكِ يؤنبني ضميري .

62 . وصفوا الحُب شعراً ..... وسردوا الحُب قصصاً ..... وتغنوا بهِ لحناً .... فقستهُ .... فرتأيت قصرهُ .... بجانب حُبنا .

63 . ذهب ؟ .... لا لستِ ذهباً ..... ولا الماساً يشعُ بريقاً ..... ولا كل كنوز الدُنيا ممكن أن تصفكِ ..... أنتِ كومة حُب يتجلا أبتساماً .

64 . السعادة .... كلمة نكتبُها .... نصفها بين الكلمات ..... لتكتمل الجملة ..... بحثت عنها عمراً ..... فلم أهتديها .... فهتديتُ لكِ ..... فكانت هديتُك لي .

65 . اتفقنا على البعاد ....اتفقنا على ان لا نلتقي في لحظة عناد طائشة ....أكتشفتُ بأن الفكرة خطأ ..... تزيد توتري ..... لاْن هناك شيء مفقود .

66 . نوارس ذلك الشاطىء .... عندما رأتني بدونك ..... غادرتهُ حزينة ..... تفتقدكِ .... متى نعود لهُ سوياً ؟ 

67 . أنا أخطأت في لحظة شرود ..... ولى أنتِ شيء لا أساوم بهِ ..... حياتي أنتِ ..... هل لي بأبتسامة ترفع الذنب عني  ؟ 

68 . تغريدة او خاطرة او رسالة ..... سميها كما يحلو لكِ .... دعينا نتفق ونُسميها .... (أهتمام) ..... المهم أن تصلكِ .

بن مهاه .

السبت، 15 فبراير 2014

قماشة وقصة حب ..... قصة قصيرة جداً

قماشة تحب أبن عمها وخطيبها .... لا بل تموت فيه ..... تحلم به ..... تقبل الارض التي يمشي عليها .... يعني مغرمه به الى ابعد الحدود ...... وأكثر قليلاً .

الايام الساعات تمر وهي تعبر ارجاء غرفتها جيئة وذهاباً والعكس صحيح .... تخرج بالحوي (الحوش او فناء الدار) لدرجة انها تحسب عدد الزهور بحديقة ذلك الحوي .... الاهل يراقبون .... الخادمات تراقبها .... عداد كيلو المتر لديها قطع مسافات طويلة وهي  تزور كل زاوية بالمنزل ..... عشرات المرات .... تغيرت ملامحها مائة ، تطرقع اصابع يديها كأيقاع لبداية عزف معزوفة جاز ..... تناظر نفسها ووجهها وملابسها في تلك المراه او مراتها .... شاهدة اسرارها .... زارت تلك المراه فوق العشرين مرة .... وهي عدد سنوات عمرها تقريباً ..... وأخر خمس منها كانت تصب تركيزها على أبن عمها ..... وفي كل سنوات عمرها ليس لديها أي خبرة في امور الحياة، حياة الحب او حتى ممارستها .... متقيده بوصية العجوز والدتها .... ولم تكن لديها الحرية التي تتوق لها البنات ..... ترغب بالانطلاق، تتمنى الولوج الى حريات المسلسلات التلفزيونية التي اشبعتها مشاهدة .... الحدود مغلقة والابواب موصدة بأوقات محددة .... لدرجة أنها تحسد كل تلك الحمامات الطائرة بكل حرية .

تملكتها الفكرة .... تناولت ورق الرسائل المعتق والطبيعي والمخصص لكلمات الحب فقط .... وبدأت بذلك القلم الكارتييري المذهب .... وتدفق حبرهُ يخط كلمات لا مثيل لها ..... وتقول: ستكون بقية حياتي عمري معك ذات طعم واحساس دافىء .... وضمان لكلينا حبيبي .... أنا اعاني من بعدك .... انا افداك يا لغالي .... سفرك وبعدك سيصلان بي الى الكأبة يا حياتي بدونك ..... يا شيخي .... متى تصل الي من زياراتك لمدن العالم .... أملي معقود بحقيبتك بسفرك الي وعودتك لقلبي ..... انا كلي أنتظار لوصولك لاستقرارك بملامستك ارض جسدي المتعب في أنتظارك ..... متى تحررني من ذلك القيد الوهمي؟ انا كلي تجاهك ولك يا حبيبي ..... هداياك كلها أشياء جميلة ولكنها لا تعصم القلب من جموحه ..... ولاني أنثى ولي مشاعر لبوءة غريزية .... ولانهم ثقفوني كيف اهديك حريتي بخلاف من تكون ..... واياً كانت محطتك او هويتك ..... احاول بأوقاتي المملة ان انزلق الى تلك الهاوية ..... فأرمي بنفسي الى صدرك الدافىء .... واعترفلك بشكل عملي (قبلة تبحث عن شفتيك التي فعلاً افتقدها بكل نبضة) ... بكل خطوة .... فلا تردني فديتك ..... لا تؤاخذني حبيبي ..... قد لا تفهمني .... فأنا كلي حباً فيك .

خذ بيدي ادرسني جيداً .... وتعرف أكثر علي من تضاريس جسدي المشتاق المرتجف والمتغير في درجات حرارته ..... أنت فقط لك الحق بسبر أغواري ..... وستمر في الغوص الى أن تجد لاألاء عمري ، وخذ منها ما يطيب لك ..... كن معي ومع دمعتي وبتسامتي ..... ثق بأنني لك وحدك حياتي .... وتمارس كل ما تتوق اليه رغبة الرجولة لديك ..... وثق في تجاوبي الانثوي بأن لن يخذلك ابداً .... فديتك .

وصلت مكالمة تقول بأنهُ قادم بعد يومين لزيارتهم ..... صدقت احاسيسها .... ابتسمت وقالت لنفسها أذاً ليس هناك داعي لهذه الرسالة ..... ومع ذلك سأحتفظ بها بين صفحات كتبي المصفوفة والكثيرة .... والتي لن يصل اليها احد ابداً ..... ويجب أن اجدها متى حبيت الوصول لها ..... اذاً سأخبأها بكتاب الف ليلة وليلة بالصفحة ال100 لاتذكرها . 

بعد يومين : وصل الحبيب ... الخطيب ...أبن العم ....فرحاً مبتسماً .... مرتبكاً .... كأنه يتوقع شيء يخجله ..... دعته (قماشة) الى جناحها الخاص بالمنزل الكبير .... ولم تكن لديها القدرة على الانتظار او حتى التحدث .... وتفاجأت بذراعاه تطوقانها وتطوقان ذلك الجسم التعب والمشتاق للعناق ..... أقمضت عينيها وهي تمنحة قبلة طويلة زمنياً (عشر ثوان) وبتعدت عدة أنشات ويديها لا تزال على خديه .... وعينيها تركز بعينيه بها بعض الخجل ممزوجة بالرغبة ..... فكررت القبلة ...... أنتهت ... اقصد أنتهت القصة!

بن مهاه

الثلاثاء، 11 فبراير 2014

طلبة المدرسة والبطل مسكين - قصة قصيرة

المدرسة الفلاحية الموقع شاطىء أبوظبي قبل زمن الكورنيش وأواخر الستينات، طبعاً لا توجد وساءل المواصلات او باصات المدرسة، لايوجد الا لاندروفر واحد لجلب المعلمين للمدرسة، واما الطلبة فعليهم الوصول مشياً او على اي وسيلة يرونها مناسبة، اما أنا وبعض الاصدقاء فلدينا وسيلتنا وهي عبارة عن (البطل مسكين) والبطل مسكين هو عبارة عن حمار مسالم ويعرف طريقة الى المدرسة ، والبطل مسكين لا يحمل طالب واحد ، وانما ثلاثة طلاب في أنٍ واحد، وكان سريعاً في جريه، يعني يصل قبل قرع الجرس ..... لحظة أسف لايوجد جرس بمدرستنا في ذلك الزمن!
عندما تسقي المايه او (المد البحري) تمتلىء الفصول الدراسية الستة بالبحر وتعلوا وجوهنا الابتسامات، المد البحري يعني أجازة .. يعني العودة للمنازل الى أن تجف الفصول . ... مجموعتنا لا تعود للمنازل بل لدينا برامج أخرى نفعلها ... واولها صيد الاسماك ... لاننا أبناء تلك المنطقة من أبوظبي هذا يعني بأننا على علم بكل صغيرة وكبيرة بها ... هناك مخابىء على شاطىء البحر لا يعرفها الا نحن ... بها كل أدوات صيدنا من الشباك (الليخ) والحبال وخيوط الصيد الاخرى .... هذا يعني لا نعود الى المنازل الا بكميات كبيرة من الاسماك ..... أبوظبي عبارة عن أحياء صغيرة من سعف النخيل متشابهة .... قصر الحصن هو الوحيد بالجص والحجر .

ولم ننتقل من المدرسة الفلاحية الى بعد أن قررت الحكومة بأنشاء مشاريعها هناك (أول كورنيش وشارعهُ وأتذكر شركة الخرافي التي قامت بالمشروع ) وبعد تجهيز المدرسة الشرقية الواقعة بشارع حمدان قبل تسميته شارع حمدان وقبل سفلتته، المدرسة الشرقية كانت مقابلة لمنزل (الشيخ حمدان بن محمد ال نهيان) والذي هو اليوم حمدان سنتر بشارع حمدان . عموماً تم تغيير مسمى المدرسة الى مدرسة محمد بن القاسم بدل المدرسة الشرقية لاسباب لا نعلمها، علماً بأني أفضل أسم المدرسة الشرقية على أسم مدرسة محمد بن القاسم. لاننا غير متعودين على هذا الاسم الغريب (القاسم) وبعد دراستنا للتاريخ عرفنا من هو محمد بن القاسم (من أدخل الاسلام وحمل رسالته الى كل من الهند والسند وما جاورهما) .

عموماً البطل المسكين لا يزال موجود في تلك الفتره، فترة توفر سيارات النقل من والى المدارس، ولكن عملية واستهواء ركوب البطل المسكين كانت هواية أكثر منها وسيلة توصيل الى المدرسة . والى أن تطورت الامور بشكل متسارع بأبوظبي .

بعد مرور عشرون عاماً: الجميع ينتظر المدير العام للمدرسة والذي غالباً يثر القلق لدى الجميع .... الكل يدقق في أوراقه ويتحاشى مقابلة المدير ولسانه السليط .... الا الاستاذ بو اسماعيل .... سأل المدير عنه بصوته الجهوري .... وركض الجميع يبحث عن أبو أسماعيل .... أبو أسماعيل بين صناديق الاوراق القديمة بالمخزن القديم للمدرسة ويبحث عن مجموعة أوراق قديمة ..... ولكن عفن تلك الاوراق وروائحها ابعدت كل من كان يبحث عن أبو أسماعيل .... الا هو أبو اسماعيل متعود على تلك الروائح العفنة .
ماذا تفعل يا ابو اسماعيل ؟ ...... أبحث عن مجموعة اوراق مهمة .... صناديق حديدية معدنية بالعشرات ومتراكمة لا تغفل ولا تفتح الا بعد جهداً جهيد ..... عشرات السنين تركت بصماتها عليها بلا ترتيب .... روائح الصدا والعفن طردت الاوكسجين من ذلك المخزن الرطب .... يقول أبو أسماعيل بأن الصراصير بالمخزن ذات حجم أكبر من حجم حذائه! .... سأنتهي قريباً من البحث ولكن يجب أن اصل الى تلك الاوراق أولاً .... تسببت تلك الروائح ببعض الدوران والدوخة برأس أبو اسماعيل ... ويقول سأنتهي قريباً ... الصندوق الاول لم تكن الاوراق المهمه به ... الصندوق الثاني أيضاً لا يحتوي عليها ... ووقعت بين يديه بعض الاوراق ... وعادت بذاكرته وبشريط الذكريات الى عقود زمنية مرت و كان يحتوي ذلك الشريط على تلك التفاعلات والاحداث والذكريات من فرح و تعاسة و سعادة .... وفجأة سقط نظره على أربعة تلاميذ كان أستاذاً لهم منذ ثلاثة عقود ... انتبه قائلاً يالها من مفاجأة .

الصورة الاولى للطالب عوض القبيسي .... بنتهاء النصف الاول الدراسي غادر المدرسة بسبب انتقال والده الى المنطقة الغربية حيث يعمل بالماء والكهرباء ... بعد أن سألت المدرسة عنه لمدة طويلة .... وبعثت بعدد كبير من الطلبة للبحث عنه وتبين بأنه وعائلته أنتقلوا الى الغربية .
وأما الصورة الثانية فكانت للتلميذ محمد بن غيث بن مهاه المزروعي كاتب القصة .... الذي انتقل الى عدت مدارس مختلفة بين مدينة العين وأبوظبي حسب ظروف العائلة ووالده وتنقلاته بالعمل وبخدمة الوطن في تلك الفترة .... فترة بداية حكم سمو الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان وتطورها العمراني .

أنتظر كثيراً مدير المدرسة أبو سالم .... وقرر الذهاب الى المخزن لمقابلة أبو اسماعيل هناك ومعرفة لماذا كل هذا التأخر بالمخزن .... 

أبو اسماعيل يناظر الصورة الثالثة وهي لاحد تلاميذه الاذكياء والمواضبين على تلك الدروس المتراكمة والمكررة .... وهي للتلميذ حمد العامري .... يالله يقول ابو اسماعيل هذا التلميذ هو اليوم سفيرنا بأمريكا وصدرت لهُ عدت كتب في السياسة والاقتصاد ... وهو بدرجة دكتور وسفير ومرات يحاضر بالجامعات ..... ماذا يحدث؟! السنوات تمر كأنها أيام ... وانا يا بو اسماعيل لا ازال مدرس فقط بمدرسة اعدادية متوسطة لا أكثر ولا أقل ..... ويقول بينه وبين نفسه هذه ارادة الله ومشيئته ... انا سعيد في حياتي وهذا كل ما ارجوه .
الصورة الرابعة والاخيرة: نعم نعم أنا أتذكر هذا الطالب او التلميذ المشاغب والمتهور والكسول دراسياً .... ومع ذلك كنت اساعده بالدرجات لكي ينجح وتفرح به عائلته ... ولكن هو كثير الفوضة مع المعلمين والتلاميذ بالمدرسة ولا اعتقد في يوم ان يصل الى مستوى يؤهله للحصول على وظيفة ..... ويسمع أبو اسماعيل صوتاً جهورياً يأتي من الباب .... اين انت يا ابا اسماعيل؟ ..... ولماذا كل هذا التأخير ؟ الى أن اقترب الصوت ... أهلاً يا ابو سالم يا سعادة المدير ..... ماذا لديك ؟ احتاجك بمكتبي الان  المجلس التعليمي  طلب مننا تجهيز تقارير عن احتياجات المدرسة من معلمين جدد وبعض الاقتراحات عن المناهج والكتب وبعض الافكار التي قد تدعم موقف مدرستنا لديهم بالمجلس التعليمي .
ولكن لحظة ماذا بيديك وماهية تلك الصور؟ .... وماذا تفعل بها؟ .... هل تعلم لمن هذه الصورة يا ابو اسماعيل؟ .... لا لااعلم ولكن اتذكر هذا التلميذ كان مشاغب لدرجة كبيرة .... هذا انا يا ابو اسماعيل .

بن مهاه.

الخميس، 6 فبراير 2014

بعض الابيات الشعرية القديمة لاهالي أبوظبي 2

12 . يالقهوة بتشارع هوياك ،،،، لو يستوي (منك) قياس وزن . بعشرين ،،،، يا زين ريم قاعدٍ يغلاك ،،،، ويا زين صبك بالفناجين .

13 . ليوا ياها مطر يود ،،،، حتى القضي خرست أثيابه ،،،، أحيا هشيم ونقض العود ،،،، وين الكري يرعي اركابه .

14 . كوسٍ يغث النايم ،،،، جفن العين ارقه ،،،، ينفحني من اللثايم ،،،، ريح المسك أعرقه .

15 . يالكوس هاتي أحمد ،،،، يار المسره ما نسيناه ،،،، لي يذبحون الحول هنتين ،،،، ما كثروا في المناياه .

16 . اشوف مشية الغالي ابهونه ،،،، اب منزلٍ خالي من الحراس ،،،، في بوظبي ومن الشر مضمونه ،،،، دار زايد وبها نرفع الرأس .... بن مهاه

17 . برقع الحشمه لوجان غطاها ،،،، منقود يظهر شفة الغالي ،،،، وبنت البدو بالبر محلاها ،،،، دله وفنيال مطيب بالهالي ،،،، انامله ناعمه مفرودٍ صباها ،،،،عرس بوظبي والشرف عالي ،،،، يا الله يا قادر تحمي حماها .

18 . يا غدير الحب يالمروي ،،،، تروي دار (أبوظبي) خلي العشيبه ،،،، شلال ماك يسجي ويروي ،،،، يروي الغالي بو اطرافٍ لبيبه ،،،، كم زقرت بحسي اعلي ،،،، حد يسمع وحد يطريبه ،،،، اشراع صاحبي بالغدير معلي ،،،، مجفي عني وتاركني بقبيبه ،،،، مالي الا بالبيات اهلي ،،،، ادري يالفطين والحب تدريبه .... بن مهاه .

19 . كل ما زقرت قال عونك ،،،، وكل ما لفيت قال وينك ،،،، ياذا الوله لي باين بعينك ،،،، يا ماخذ القلب مدلي يمينك .

20 . أنته زقرت وناديت ،،،، وأنا لك بالصوت ارد ،،،، حيه راعي البيت ،،،، لي بين المزايين تفرد .

تجميع .... بن مهاه 

بعض الابيات الشعرية القديمة لاهالي أبوظبي

1 . يا لسهيلي يالينوبي ،،،، يالي أتيي زفزاف ،،،، بردك تلى لينوبي ،،،،، لو أنا رضفت الحاف .

2 . يا هامور الميافر ،،،، مطيب عليك العيش .

3 . أن سالك المضنون عنا ،،،، ترانا في ظهر دلما مجفين .... يغشاهن الموي سفنا ،،،، وفيهن شباب حذرين .

4 . يا كوس يا لمطلي ،،،، عندك بندب سلام ،،،، أن سال عني حدي ،،،،، قله بسبع أنعام .

5 . في محضري ما ريت خيلة ،،،، يا غير دهن العود والورد ،،،، تسجي دياره من مخيلة ،،،، ديميةٍ ودن برعود .

6 . طالبك يا عالم الغيبِ ،،،، سُحب بر الصير يسجنه .

7 . لينت قلبٍ جاسي ،،،، يا عريض النقى ،،،، روس أحدبه نكاسي ،،،، عسر ما ينرقى .

8 . حدوة : يا زين ما يطرولي ،،،، فيك استعيل ردال ،،،، ختك عشيرٍ مولي ،،،، يوم سعود الليال .

9 . يا ليت ليلي طول بليل ،،،، هوياك يا زين الصباحي ،،،، بو مبسمٍ جنه عرق هيل ،،،، و أخن عن ريح الزبادي .

10 . رعبوب عند اهل اليزر ريت ،،،، يشيج قلب المستشيجي ،،،، خز بعيانه يوم صديت ،،،، ودعيت أنا قلبي شفيجي ،،،، في بطن ما شورة تمنيت ،،،، ما شور و الولم القميجي .

11 . يا بيات تنوح وتغني ،،،، والحشى لابج بضيانه ،،،، جان فن الصلب شافني ،،،، دار ولم البوم ريعانه ،،،، خلنا هوياك بنسني ،،،، عالي أم أعمير وجنانه ،،،، وحير الدستور بالفني ،،،، الشفج بينال خلانه .

تجميع ..... بن مهاه

الأحد، 2 فبراير 2014

أبوأحمد... ومرض السُكر ... قصة قصيرة

كان أبو أحمد من كبار ضباط الشرطة، وذو رتبة كبيرة (عميد) من أوائل ضباط الشرطة ولهُ من الخدمة أربعون عاماً ويتمتع بشخصية أمنية منضبطة وذات حضور قوي في كل المجالات والمناسبات، الى أن تخيل المجتمع بأن هذه الشخصية هي فعلاً جزء من عملها، الرجل ليست لديه أوقات معينة للعمل وأخرى للمنزل او الحياة الاجتماعية مثل الاخرين، أربعون عاماً على تواصل ليل نهار بعملة سوا من مكتبه او من منزلهُ، تحول عمله الى جزء من حياته أينما كان، ثقافته عالية مقارنة بزملائه الضباط الكبار، عموماً مرت كل هذه الاربعون عاماً كأنها شهر .
أستمرار أبو أحمد بمنصبه يعني طول الخدمة وعراقة الخبرة التي تخدم أينما كانت وغالباً الاوطان تكون في أمس الحاجة لمثل هذه الشخصيات اللتي اينما وضعتها وبأي منصب تحتاجها تكون جاهزة تسيير الاعمال، حيث أنها مشبعة بالثقافة الادارية وبخبرة قلما تعجز عن العطأ .
ولكن هكذا شخصية غالباً ما تعيق الاخرين بسبب الاقدمية النظامية والخدمية في ترفيعاتهم ورتبهم، ولهذه المكانة تتكون لديهم اسباب عدم الارتياح لمثل شخصية أبوأحمد ووجوده في هذا المنصب الامني والاداري الكبير، وأنتقالهم الى رتبة أعلى يترتب عليها ترفيع أبو أحمد أو أستقالته او أحالته للتقاعد او ينتقل الى ربه ... اذاً هناك حالة عدم استقرار وعدم ارتياح من أبوأحمد بشكل غير معلن .... وعليه المغادرة!!!

هناك مرض ينخر بجسم وعظام ودماء أبوأحمد، ولم ينتبه لهُ أبوأحمد الا بعد فوات الاوان وبعد أن تمكن منه السكر ومخمخ وصلب شرايينه ، وأضعف نظره، ونقله الى الشيخوخة بشكل سريع أسرع مما توقعه المقربين منه، لعبت الغرقرينة برجليه وتقرر نقله بأسرع وقت للعلاج بأمريكا بأحدى عيادات (مايوكلينك العالمية) لسبعين يوماً، ثم عاد أبوأحمد لارض الوطن ولكن بأجزاء مبتورة من أطرافة بسبب القرقرينة لعنها الله وبتقارير طبية تشرح ضعف جسمه وضيق شرايينه، وبأن السكر لا يزال ينخر بجسمه العريض !!

أجتمعت القيادة بالشرطة لبحث ماذا تفعل وكيف تتعامل مع وضع أبوأحمد؟! .... بالخلفية هناك من الضباط وقبل الاجتماع من يقول ها هي تأتينا كهدية والفرصة سانحة لكي يغادرنا نهائياً الى منزله ... ويترك لنا الساحة ..... والبعض الاخر من المسئولين بالوطن يعتبرون خروجه فعلاً خسارة لا تتعوض ..... تقرر بالاجتماع بأن يحال أبوأحمد الى التقاعد نهائياً .

بعد مرور ستة شهور تم ترفيع أغلب المجموعة الى رتبة عميد ..... وبعدها بسنة ترفعوا الى رتبة لواء ..... وقدى الطريق سالك لهم في كل شيء، والتفاهمات بالاشارة تتم .... سمع أبوأحمد عن كل تلك الترفييعات والرتب الجديدة !!! .... وكان يكرر ماشاألله رتب الالوية بالشرطة تعدت عدد الالوية العسكرية بالجيش!! ..... الظاهر كانوا ينتظرون خروجي؟!
يتسائل أبو أحمد عن الاصدقاء وزملاء العمل، وقتصر زواره على أفراد أسرته وبعض الارحام فقط!! .... وكان يكرر كل تلك الوجوه أنا من رشحتها للعمل معي، وانا من أهتم بهم ... وأنا من مديت يد العون بهم .... ولكن أرجو أن يجعلوا الوطن نصب أعينهم وأن لا يتمادوا في خدمته .
أبو أحمد ينتقل الى مرحلة أخرى من المرض وهي العجز عن المشي .... ويدخل مرحلة الزحف المتعب بسبب تطور مرض السكر لديه ..... أبوأحمد ينادي أبنهُ أحمد ..... أرجوك يا أحمد أن تقوم ببناء غرفة لي بجانب المجلس ليتسنى لي الزحف بسهولة منها الى المجلس والى الحمام ...... أنشالله يا لوالد وفالك طيب ... وارجوك يا لوالد لا تشيل هم الغرفة الان ...... بعد عدت شهور أكتملت الغرفة الجميلة بذوق أحمد وديكوراتها الجميلة وقليلة التكلفة .... ولكنها بدون سرير! ..... فرشة بسيطة لينام عليها أبوأحمد ..... ومنها زحفاً الى الحمام وكذلك زحفاً الى المجلس لمقابلة الظيوف وسماع أخبارهم .... ولكن يتسأل أبوأحمد عن زملاء العمل ولماذا لم يزره أحداً منهم؟! .... اذاً عليه الاتصال بهم ومطالبته لهم شفهياً أن يزوروه ..... وكلما أتصل أبوأحمد ردت عليه السكرتاريا وطلبت منه الانتظار .... ويبقى أبوأحمد على الخط ينتظرهم يردون عليه !! .... ولا حياة لمن تنادي!! ..... بعد مرور شهران على المحاولات المستمرة منه توقف أبوأحمد عن الاتصال بهم ..... يضع أبوأحمد نظارة القراءة ويقرا الجريدة اليومية عسى أن تكون جميع الاخبار طيبة، وذات يوم قرأ موضوع تكريم جميع ضباط الشرطة وبتسم ... وقال في نفسه بهذه المناسبة أكيد هناك زيارة لي منهم ..... وهذه فرصة لاعتب عليهم لعدم زيارتهم لي ..... طبعاً لم يزره أحد منهم ..... بعد عدة شهور تغيرت نفسيته ... يفكر لماذا الابواب مغلقة ولماذا هي بعيدة ؟! .... يستأنف الزحف تعودت يديه على رخام الارضيات وبلاطها، ويتكون لديه أحساس كأنهُ يسحب القوة من تلك الارضيات التي يمر عليها زحفاً .... أم أحمد تقول لهُ .... أنت تذكرني بتلك الايام عندما كنا صغار وشباب حين كنت تجدف بالماشوة وأنا معاك .... يبتسم هو ويقول أكملي القصة ، هناك تكملة لها .... وماذا فعلنا على ذلك البر الذي وصلناه بالتجديف؟ ..... أنت هكذا لا تخجل بأسألتك هذه ..... وفعلاً تحولت يداه الى مجدافان بسبب الزحف المستمر ..... وتحول لون جسده الى اللون الابيض بسبب بعده عن الشمس والعمل تحتها ..... ويقول بينه وبين نفسه عندما يتقدم الانسان بالعمر يتحول جسمه كالعذج الفاضي والخاوي من الرطب والبسر .... يناظر تلك الاطراف المبتورة من جسده بسبب السكر !! ..... لا يرغب بالتفكير بها ويقول ماذا حل بي؟! .... أنا لا ازال صغير التفكير قوي التفكير قلبي لا يزال قوي .... لماذا يا سُكر تغزيني وانا لا اتناولك بكثرة ..... ليس السُكر حلو وسريع الذوبان أو الاحتراق ..... بل أنت شيء أخر غير معروف ..... أبوخليفة لا يرغب برؤية الخادمات تنظف غرفته او مجلسه .... بل أم أحمد عليها فعل ذلك مقابل كل ذلك العمر والحياة والحب والارتباط الروحي والجسدي بها ..... يومياً تأتي أم خليفة بماكينة التنظيف وتنظف تقريباً كل شيء .... ولكن تناظر أنزعاجه بسبب صوت الماكينة .... ترفها الى اعلى ستائر الغرفة .... وتكنس بجد وقوة مشوبة بقلق داخلي وانفعال لا تخطئه العين .... تتلعثم وهي تكنس وتدمع عينها للحال الذي هم فيه ..... يزحف الى الخارج ليستنشق بعض الهواء وليبتعد عن ضوضاء التنظيف .... تراه يبتعد وهي تراقبه ينفعل يرتفع ضغطها .... لماذا يغادرها ؟! لماذا لا يركز فيها وبها؟! تقول لابنتها ساره دعيه يغادر .... رئحة المجلس والغرفة لا تحتمل ..... ساعديني في فتح النوافذ يا ساره .... كل النوافذ رجاءً .
ساره تسأل أمها ... لماذا لم نأتي بكرسي متحرك للوالد .... كلمته عن الكرسي ولم يرحب بالفكرة .... واصريت عليه بأن الكرسي المتحرك سيوفر لهُ مناورة ممتازة في حالة خرجنا الى حديقة او سفر او الى أي جهه .... ولكن لا تستعجلي سيأتي اليوم الذي يطلب الكرسي المتحرك فيه ...... ساره .... كما ترين يا الوالده .
يزحف ويسحب جسمه الفاقد لبعض الاطراف (ناقص) ليس لديه شيء غير الزحف والهمهمة الغير واضحة.... ولكنها تنم عن عدم الرضا وعدم الارتياح .... وواضح بأنه يفتقد أشياء كثيرة .... المكتب ، الضباط ، الافراد ، الحياة التي تأقلم عليها لسنوات وسنوات طوال .... من باب المجلس الى النافذة الوحيدة المطلة على الشارع مسافة طويلة وتستغرق وقت  للوصول لها .... الكنبة تلك تحت النافذة وهي الوحيدة التي يقدر على تسلقها للنظر خارج المجلس ..... ولن يهدى لهُ بال اذا لم يصل الى هناك .... ولن يتردد في فتح تلك النافذة ... تعودت أم أحمد أن تراه وهو على الكنبة يناظر الى الخارج، ولكن هي لا تركز على الخارج معهُ بل تركز على تلك الاجزاء التي بُترت من جسده القوي والعريض ... وتتسائل بينها وبين نفسها هل مرض السكر يصل بالانسان الى هذه الحالة .... وانا اعرف زوجي معرفة شديدة الوضوح، واعرف القوة التي يتمتع بها هذا الجسد القوي .... كم حملني على كتفه وكم رفعني وكم ضمني وكم وكم وكم .... ماذا سيحدث؟! هل أنتهت كل تلك الايام؟ هل السُكر أثر على وضعه الرجولي؟ هل بأمكانه أشباع رغباتي كما كان بالماضي القريب؟! تمر اليلالي ولا يناديني! هل قتل السُكر تلك الرغبة لديه؟ انا في الاربعينات وهو في أواخر الخمسينات .... يعني كلينا لم نصل ذلك العمر الذي يتوقف عنده كل شيء .... وتكمل أم أحمد كم كنت أتمنى أن يوافق على مساعدتي لهُ النفسية والفيسيلوجية أيضاً .... يا ألله رحمتك ومساعدتك لي في تسهيل كل المهمات الاتية على هذه العائلة المسالمة .
ألابن أحمد ..... ماذا يحدث لنا؟ ولماذا تمت كل الامور في اقل من سنة؟ وكيف أعمل في حالة لا قدر الله توفي الوالد الحزين والمتوعك .... أنا أعلم بأن هناك الكثير من البشر يعانون من مرض السُكر، ولكنهم لم يصلوا الى هذه المرحلة التي وصلها والدي وفي وقت قصير جداً مقارنة بغيره من المرضى ..... هل الامور تعتمد على الاجساد أم هي الجينات أم ماذا بضبط ؟! ...... أنا لم اتصور بأنني سأمر بمرحلة كهذه .... وبتفكير مرعب كهذا .... وكيف سأتعامل مع والدي ومزاجه المتعكر بسبب هذا الزائر الغير مرغوب به؟ ..... والمشكلة بأن الوالد تطورت لديه الاوضاع النفسية ... يميل للعزلة، ولا يرغب برؤيته بهذا الشكل بهذه العلة والوضع .... هو يختلف عن البقية .... هو عسكري منضبط لا يود الخروج الا منتصب القامة ..... طيب ... هناك أمور كثيرة يجب القيام بها .... واولها عمل توكيل عام رسمي قانوني لادارة الامور خارج المنزل ومتابعتها.... هناك أمور معلقة بالبلديات والبنوك والدوائر وغيرها، وهناك قروض بنكية كما كان يقول لي ..... يا ألله متى يتوقف تفكيري عن كل تلك الاوجاع ..... سهلها يا رب .

يا أم أحمد أرجوك عندما تحدثيني لاتناظري الاجزاء المبتورة من جسمي أرجوك .... كوني متفهمه .... أبو أحمد يكره نفسه حين يراها تركز على تلك الاطراف .... ويقول بينه وبين نفسه حين تفقد أحدى أطرافك لن يتحملك الاخرون ..... يا أحمد يا أحمد .... تعال بجانبي ..... اسمعني جيداً .... لا تتوقف عن ممارسة الرياضة وبتعد عن الكسل ولا تعطي أنشغالات الحياة فرصة القضاء عليك أبداً أبداً ..... أنشاء الله يالوالد .

أبو أحمد يسمع صفارة سيارة الاسعاف ..... تمر بجانب المنزل .... يا أم أحمد تعالي هنا .... ماذا يحدث؟ أنا لازلت حي ..... لماذا هذه الصفارات؟! ...... لا يا أبو أحمد جارتنا أم سعيد كانت تعاني من السُكر منذ خمس سنوات وتوفاها ألله اليوم ..... بسم الله الرحمن الرحيم ..... يعني دوري أنا بعدها! ..... وهي لم تخسر أي من أطرافها ومع ذلك ماتت .... يا أحمد لا تذهب الى العمل غداً رجاءً ..... أذهب الى مكتب المتابعة للمحاماة وأتني بالمحامي عبدالله الى هنا رجاءً ..... الا أله الا ألله .... أم سعيد أمس مطرشه غدانا واليوم ماتت .... ذهبت الى غير رجعة ..... يعني ستدفن تحت الرمل ..... وستلعب الديدان بجسدها ..... ماذا يحدث يارب؟! .
أرجوكم أتركوا الاباواب ونوافذ مفتوحة ..... يا أحمد .... الليلة عليك النوم هنا معي ..... ساره تكلم أمها لماذا طلب من أحمد أن ينام معه الليلة؟! ..... والدك خايف من الموت بعد أن سمع عن أم سعيد . 
اليوم الجديد .... يدخل أحمد والمحامي عبدالله ..... ما تشوف شر يا بو أحمد يا حضرة العميد ..... يرد أبو أحمد ... شكراً يا أستاذ عبدالله ..... أسمعني .... أرغب في عمل توكيل عام ورسمي يشمل كل شيء ....كل شيء.... مني  لابني أبني أحمد (توكيل شامل وعام وأن يذكر به كل ما ممكن أن يعيقه القانون ... يعني تصرف المالك بملكه) ..... هل فهمتني؟ ..... جهز التوكيل في يومين ..... ولا تأتيني الا وكاتب العدل معك وملف التوكيل .... علينا أن نخلص من الموضوع في مدة أقصاها أسبوعان رجاءً .... ولا تدعني أوسوس بالموضوع .... ولا تأتيني بطلبات تعجيزية من تلك التي تبتدعونها عندما لاترتاحون لعمالائكم ..... ضحك المحامي عبدالله .
بعد أسبوع صديق أحمد يطرق الباب ..... يا أحمد ..... أحمد يفتح الباب .... مرحبا يا عيسى ..... ماذا لديك ؟ .... بعد ساعتان يحين موعد صلاة الظهر وبعدها سنصلي على جثمان صاحب البقالة غلوم الايراني لنكسب ثواب وحسنات ..... أحمد أسكت يا عيسى لا يسمع الوالد ..... يا الله ترحمنا برحمتك ..... أنشاء ألله سأوافيك بالمسجد ..... يا أحمد .... أبو أحمد ينادي ..... من كان على الباب؟ ..... صديقي عيسى يعزمني على الغداء بمنزله ...... ونعم الرجل عيسى .... يخرج أحمد دون أن يخبر والدته عن صاحب البقالة غلوم الايراني ...... يرن هاتف سارة مكالمة من أحدى صديقاتها ..... سمعتي عن صاحب البقالة ؟! ..... لا لم أسمع شيء! ...... ماذا حدث لهُ ...... صديقة سارة ... توفى البارحة بالليل وكتشفوه اليوم صباحاً .... وسيصلوا عليه عند الظهر الله يرحمه .... لا يزال يطالبنا بعض المبالغ المالية ..... اه ... يا ساره من أتصل؟ ..... هذه صديقتي متصله تقول البقال غلوم توفي أمس .... لا حول ولا قوة الا بالله .... ماذا يحدث للعالم؟ ..... يا أم أحمد أسمع لديكم حركة ..... ماذا يحدث؟ .... لا يالغالي .... هذا البقال غلوم الايراني .... ماذا يُريد البقال ؟ ..... لا يا أبو أحمد .... أنا قصدي أقول .... يقولون بأنه توفى الى رحمة الله أمس واليوم بيصلون عليه لكسب الاجر ..... شو هذا الكلام يا أم أحمد يعني شهرين ويموت الفريج (الحي) كاملاً ..... هذه أرادة ألله يا بو أحمد .... يعني خلاص قربنا على الموت .... بعد عمرٍ طويل يا أبو أحمد ... ويعلنا ما نخلا عنك يا رب . 

عاش أبو أحمد ثلاثون عاماً أضافية .... ولم يتبقى من عائلته الا أبنته ساره وزوجها بالمنزل الكبير .... 

بن مهاه