الاثنين، 27 يوليو 2015

القطة وشهر العسل ... قصة قصيرة .

بعد مرور عدة شهور على أخر زيارة لأوروبا، حوالي ثمانية شهور تقريباً وبمناسبة زواج إبني عبدالله، اتفقت العائلة على تمضية عشرة أيام في أعلى نقطة جبلية بأوروبا وهي جبال الالب لسويسرية .

شتاء جبال سويسرا المثلجة والشديدة البرودة والقاسية هي المنطقة التي اختارها العرسان الجدد .. وأصروا على أن نرافقهم إلى هناك .. أنا وابنتي فاطمة .

كالعادة تم توكيل عمليات الحجوزات لإبنتي فاطمة، نسبة لتخصصها في هكذا شؤون (فنادق وتذاكر سفر وما شابه) وتعلمت كل هذه الامور بسبب سفرها معي زمان المتكرر وتعليمها الاعتماد على النفس، إلى أن دخلنا عالم الالكترونيات والانترنت وأصبحت العملية أكثر موائمة وسهولة .

لم أكن مستعد للسفر لأسباب كثيرة، أما ابنتي فاطمة ذكية إلى درجة أنها أقدمت على أخذ اجازة اسبوعين من عملها، متعذرة بطول مدة العمل (شهور طويلة دون اجازة) أما أنا فأعرف الاسباب الحقيقية خلف تلك الاجازة (هي السفر) 

قالت فاطمة: ماذا تنتظر يا أبي، هيا دعنا نسافر !!

أنا أعرف أجواء سويسرا في شهر واحد (يناير) يعني تحتاج نصف طن من الالبسة الصوفية على جسمك كلما فكرت في الخروج من الفندق والمشي إلى قلب قرية (قشتات Gstaad ) المشي في يناير صعب بقشتاد تتزحلق مهما كانت نوع أحذيتك حتى لو كانت أحذية (الكاتربلر) والبرودة تجمد كل أطرافك ومفاصلك مهما لبست من الثيرمو ومستوى الثلوج يكون قد دفن القرية عن بكرة أبيها .. والجماعة هدفهم الضحك علي أنا شخصياً وهات يا تصوير كلما وقعت أو تزحلقت فجأة أمام المحلات والمقاهي وأرصفتها المتجمدة بطبقة ثلجية أخفت كل معالم الطرق والارصفة ترتفع الهواتف وهات يا تصوير وبلمسات بسيطة تكون الصور وصلت لجميع العالم وحتى المريخ .. والجماعة في أبوظبي ينتظرون تلك اللقطات والمواقف ولي ما شاف يتفرج ..... دعونا نبدأ القصة .

فاطمة: أوه ... والله حرام، ثمانية شهور مستمرة من البيت إلى العمل، فعلاً أحتاج فترة استراحة قصيرة (يعني ودها تسافر معنا) وأغير فيها هذا الروتين المستمر والممل، تعبت فعلاً تعبت ... نفس الوجوه بالعمل وبالمنزل ونفس المواضيع، يا هذا الروتين .... أنا سأقدم على أسبوعين إجازة ... وبعدين شقيقي عبدالله تزوج ولم يغادر مع زوجته إلى أي جهة يقضون بها ما يسمى بشهر العسل ... فأرجو يا باباه أن تتفهم احتياجنا لهذه العشرة أيام سفر .

أنا: ماذا عن شقيقتك ميثاء ؟ هل لديها إجازة هي أيضاً ؟

فاطمة: لا، هي مشغولة بعمل بحث معين للعمل، ولديها فترة محددة لتنهيه، وأيضاً عليها متابعة شقيقي زايد ومتابعة دراسته .

أنا: صحيح زايد لديه مدرسة ومراجعات ومتابعة .

فاطمة: لا تهتم، ميثاء ستتابع هذا الجانب يا باباه وبعدين هي مهتمة بزوجة شقيقي عارف بعد الولادة وبالبيبي (حميد) 

أنا: صحيح ما قصرت .. نامت مع لمربي ثلاثة أيام تحاضيها في المستشفى إلى أن قادرته مع المولود الجديد .. البطل حميد ... حبيبي .... ألله يكون في عون ابني عارف وزوجته في الاهتمام بالاطفال .. عملية صعبة ... تذكرني بكم عندما كنتوا صغار ... عذاب .

أنا: طيب .. هناك شيء مهم في حياتك وهي قطتكِ Oushi ماذا ستفعلين بها ؟ ستكون وحيدة بدونكِ لمدة عشرة أيام وقد تتعقد Oushi ... وإن وضعتها ب Pet's Hotel مكلفة مالياً .

فاطمة: لا تخاف يا باباه، سأتركها بمعية شقيقتي ميثاء والخادمات هنا بالمنزل، وهي كما تعلم تعرف طريقها إلى طعامها وشرابها وستتجول في هذا المنزل الكبير، ولن تكون هناك مشكلة ... يالله يالله نسافر .

أنا: أنا موافق إن أتت شقيقتك ميثاء واثبتت امامي بأن ليس لديها مانع وبشرط أن يأتي شقيقكِ عبدالله مع زوجته ويثبتوا بأنهم مستعدين للسفر .

فاطمة: أنا سأأتي بهم جميعاً ليثبتوا لك بأنهم مستعدين للسفر وميثاء ستبقى بالمنزل للوقوف على طلبات زايد .... والقطة .. Oushi .

أنا: الظاهر ان الضغوطات من كل اتجاه !! يا ألله . .... وهاهي بطاقة الأتمان وعليكم بعمليات الحجز ... بشرط أن تكون مؤكدة في كل شيء .. تذاكر الطائرات (السفر) والفنادق و لنبتعد عن التعب في البحث هناك .... إتفقنا ؟

فاطمة: أنت هات البطاقة وترك الامور علينا يا باباه ... حشرتنا بهذه التوصيات والتحذير !!

أنا: أخاف عليكم من أن تتعبوا هناك، في بلد الغربة .. ويقال من خرج من داره قل مقداره .

فاطمة: ما دام هذه البطاقة أو البطاقات الأتمانية تعمل فلا تخف علينا يا باباه !! والان انتهت من حجز الفندق مع التذاكر والسيارة بمطار جنيف، ورتبت على أن يكون السفر غداً صباحاً، الساعة التاسعة صباحاً ... يعني أن نكون بالمطار في السادسة صباحاً !!

أنا: هيه .. ماشألله عليكِ، متى نتحرك من المنزل ومتى ننام ومتى نصحى ومتى استحم واحلق ذقني .. ولماذا كل هذه العجلة والسرعة؟؟ كنت أعلم ، هذه بداياتها الشطانة والاستعجال .. يقال إن كان ربعك (رفاقك) أنصاف شياطين فكن أكثرهم جنون أو شطانة .

اليوم التالي: قمت في الرابعة صباحاً، وهات يا ترتيب في الملابس والاحذية .. والملابس الداخلية والثيرمو .. سأخذ معي ساعة سواتش بسيطة وسأبتعد عن سوع الذهب والالماس والموضة القديمة من تلك السيع .... لكن لا أسمع صوت ! الظاهر الجميع في نوم عميق يغطون .. عموماً هذه فرصة للأستحمام والحلاقة .. أنا من الذين يحلقون الشنب واللحية (الذقن) ههههه .. أعلم بأنها عيب تحلق اللحية والشنب عندنا ولكن عندما تبيض الامور مالها إلا أمواس جيليت  ... البعض يقول منقود عند العرب فلان بدون لحية ولا شنب ... انتهي من الاستحمام ونزلت للدور الارضي .. لا توجد حقائب ، واضح بأني أول من نزل، الان علي أن اصحيهم، لعلهم نسوا موعد السفر، طرقت تلك الابواب وسمعت أصوات لاتزال نصف نائمة ، وكا عادتي رددت كلمة "إذا لا يوجد سفر سأعود للنوم" وفجأة سمعت دبيك وبعض الاصوات تقول لا لا قمنا قمنا من النوم .. وماهي الا عشر دقائق والجميع نزلوا  وستعدوا للصعود بالسيارة ، طيب .. أكلتوا شيء أو شربتوا شيء ؟! يالله يا باباه لا تضيع الوقت، وسمينا بسم الله وتحركنا إلى المطار.. ممتاز لا توجد زحمة في ذلك الوقت الباكر من الصباح في شوارع أبوظبي، وصلنا المطار وأدخلنا الشنط والحقائب .. ابتسموا العرسان عبدالله ونوره (وقمز العريس للعروس وبتسمت) هههههه أيه على حساب أبوهم كالعادة .. أما ابنتي فاطمة متوترة قليلاً بسبب المطار والطائرة والسفر .. الطائرة كانت من نوع أيرباص 330 A أبوظبي - جنيف - أبوظبي، موعد الاقلاع كان في التاسعة ولكن تأخرت كالعادة إلى العاشرة بسبب أحد الركاب ، كان منقول على نقالة أو سرير متحرك للمرضى (الله يشفيه) طارت الطائرة، وهنا قلت لهم أنا سأنام ولا تصحوني، ولكن هيهات أنام بقرب فطوم ، لا يوجد جهاز لم تجربه ولا فيلم لم تشاهده ولا لعبة الكترونية لم تلعبها ولا وجبة تحتوي على الشوكولاتة ولا أيس كريم، والحركة مرة مع الغطاء ومرة مع السماعات ومرة مع كاتلوجات الديوتي فري ... المهم أنا لم أذق طعم النوم .

وصلنا جنيف بالسلامة، فاطمة والعرسان.. يا باباه ماذا نقول ماذا نقول لجماعة الجوازات، أو إلى أين نحن ذاهبون في سويسرا ؟

أنا: قولوا لهم نحن ذاهبون إلى مقاطعة (سنن الجبلية وقرية قيشتاد .. ولا تنسون هذا الاسم .. اتفقنا ؟ اتفقنا ردوا جميعاً .... انتهينا من الجوازات لله الحمد، والان إلى أين يا باباه .

إلى شركة تأجير السيارات بعد أن أخذنا جميع الشنط والحقائب، نحن حجزنا سيارة مرسيدس من شركة (هيريتز) 

فاطمة: السيارة التي حجزناها كانت مرسيدس وهذه السيارة فولفو ؟!!

التلاعب بالمستأجرين للسيارات .. ضابط الشركة قال بأن هذه السيارات جميعها نفس المستوى أو الكاتوقري وهي كبيرة وذات دفع رباعي وأيضاً جديدة، قطعت الفان كيلو فقط .

أنا: انتوا خلصونا ودعونا نركب السيارة ونغادر هذا المكان، من مطار جنيف يعني علينا أن نتخذ طريق لوزان ومونترو وقبل فيفييه نعرج يسار، غوقل ايرث أو ماب رسم لنا خط سير قصير وجيد بدل الطريق السابق الذي متعارف عليه زمان والتعرج بين الجبال .

فاطمة: سأفتح النافذة .. الجو يجنن بارد ولطيف .. أما بعد قليل ارجو أرجو أن تتوقف يا باباه عند احدى محطات التزود بالوقود !! أقصد المحطة الكبيرة نرغب في شراء بعض المسليات ونتغدا في نفس الوقت في تلك المطاعم الكبيرة بتلك المحطات .

أنا: هناك محطة كبيرة قبل لوزان يعجبني البوفيه بها بالدور العلوي أما الدور الارضي فهو سوبرماركت كبير جداً، نحتاج لكمية مياه ومحارم ورقية مع القليل من الفواكه للطريق .. ولا تنسون الشوكولاة هههههه ، صحيح شاحنات لبطاريات الهواتف أيضاً يا فطوم، الجميع عجبهم وجبة العجل (ستيك) مع المشروم والبطاطا ... وبعد ساعة ونصف نحن في مقاطعة سنن على قمم جبال الالب وتلك الطبيعة الغناء والخلابة البكر .. وتلك الانهر الجارية والشلالات الباردة أما الثلوج فحدث ولا حرج .. قالت نورة يا عمي أنا أرى تلك الجبال كالعراس وعليهن الطرحة ... رديت .. كلٍ يفكر حسب حالته الانية يا ابنتي .. هو فعلاً من يرى تلك الجبال ويرى قممها البيضاء بثلوجها يتصور بأنها عرائس بطرحاتها .

أنا: يا فاطمة أغلقي النوافذ قبل أن أتحول إلى لوح ثلجي لا ينكسر وامرض عليكم في هذه الديار ..

نورة: ياعمي هكذا طبيعة أنا اول مرة أراها في هذا الوقت من العام .

أنا: يا ابنتي .. هذه الزيارة لكِ أنتي وزوجكِ عبدالله، وحقيقة كم أتمنى أن تستأنسوا بها مع زوجكِ لأرى تلك الابتسامات والسعادة على وجوهكم، الله يوفقكم جميعاً .... يا رب .

ثم ذكرني الموقف بمقولة في السعادة تقول: إذا صادفت الصفاء والسعادة فسوف يحسدك الناس فكن سعيداً مهما حدث .

أنا: المهم الان نحن وصلنا الفندق وأرجوكم رجاء خاص أن تنقلوا الحقائب ونغتسل وننام إلى يوم غد رجاءً، أنا حقيقةً لم أنم من يوم أمس .

اليوم التالي: فاطمة: يا لله ياباباه إلى مركز أو مدرسة التزحلق على الجليد .

أنا: أي مركز أو مدرسة ؟؟

فاطمة: هناك أمام الفندق على بعد 200 متر .. تعودنا عليها من زمان أتذكر .

أنا: وأنتم لا تنسون !! مادام قريبة من الفندق سنذهب إليها .. ولكن بعد الفطور رجاءً .. يا سلام على هذا البوفيه .. نعمة من الرب .. الخبز اللوف والبقيت و و و أنواع .. يا عبدالله صبلي كأس حليب بارد أولاً .. تصوروا المربى بأنواعه محلي الصنع وأيضاً العسل والزبدة .. أضني حتى دجاجهم لكبار بيضه راقي .. عليكم بالبيض لسكرامبل ... طبعاً لم يسمعوا لي .. بل ذهبوا للكرواسون بشوكولاة وكل ما يحتوي على الشوكولاة !! هذه حالة؟! .. المهم بعد الفطور أخذت تلك القهوة ذات الرائحة التي تصحصح جميع من بالمطعم ... على فكرة الهواتف شغالة تصوير من أمس!!

وقبل ركوب الجميع بالسيارة .. منهم من سقط وهو يمشي بسبب الثلوج المتجمدة أمام الفندق والباقي قبل ركوبهم السيارة .. يعني الجميع سقط .. أقصد لكبير ولصغير والضحك متواصل وهات يا صراخ، يا جماعة مجتمع قشتاد مجتمع هادي لاصوت ولا حس ، وفجأة تغير جو قشتاد .. نعم العرب وصلوا .

بسبب تراكم الثلوج حتى موقف للسيارة لم نجد، واضح بأن المنطقة هذا هو موسمها السياحي في التزحلق وهناك جنسيات من كل العالم وزدحام شديد تصوروا في شهر يناير والشتاء القارص .. انزلتهم في مركز التزحلق الجبلي المفتوح والطلق وستسمحتهم بالذهاب إلى مركز المدينة مشياً ووحيداً مع الثلوج المساقطة، قشتاد ليست مدينة ولا حتى تاون ، هي أقل كمستوى عمراني أو التوسع الافقي لها بسيط وتعتمد على البناء الخشبي الحديث بسبب الموقع الجبلي وكثرة الغابات والاخشاب، سابقاً كانت أكثر شهرة بسبب ذلك الشارع الذي يتوسط المطاعم والمحلات والبنوك، ثم قررت بلدية قشتاد بأغلاق ذلك الشارع حفاظاً على البيئة ، وتم شق نفق خارج حدود المباني لجتياز القرية، ولكن بسبب هذا القرار خسرت قشتاد الكثير في مواسم الصيف حسب كلام مدراء تلك المطاعم ومحلات الماركات العالمية الفخمة مقابل الحفاظ على البيئة، والان قدت مزاراً سياحياً للكبار في السن شتاءً وصيفاً .. أما نحن الباحثين عن الطبيعة والاخضرار والجبال والخدمات الممتازة فهي أكثر من مناسبة لمدة قصيرة بسبب كثرة الاوكسجين في هذا المستوى من الارتفاع المناسب ونوعية الهواء وجودته، حقيقة بعد اليوم الثاني يتخلص الجسم من التأكسد والكسل ويتولد لديك الاحساس بالصحة والمشي الطويل والخفة كأحساس بالوزن، مرة قطعت مسافات طويلة مشياً من قشتاد إلى القرى المجاورة ذهاباً وإياباً ، يعني من الساعة السابعة صباحاً إلى السابعة بالمغرب، تصورو لا يوجد احساس بالتعب ابداً بل بالعكس كانت الرغبة في السير أكثر متوفرة .

رن الهاتف .. ابنتي فاطمة على الطرف الاخر: أين أنت؟ .. أنا بالمقهى (شارلي) استمتع بتارت الفراولة .. فاطمة نحن في الطريق قادمين إليك، هل لديهم شراب الشوكولاة الساخن؟ نعم ولديهم أكثر من ذلك ، أنتم تعالوا فقط ... أنا كل هدفي أن أجعلهم يمشون ويقطعون مسافات طويلة ويطلقون العنان لأرجلهم في هذه الطبيعة الخلابة ... وصلوا جميعاً وهات يا شوكولاة ساخنة وهات يا تارتات مشكلة ومنوعة، كل هذا مع قصص من تزحلق ومن سقط ومن اتعب المدربين والمدربات ... وقليلاً قليلاً بدأت الاصوات ترتفع في مطعم ومقهى شارلي الهادىء (نحن وصلنا) وبعد كل تلك الوليمة بعشر دقائق سأل ابني عبدالله عن الغداء؟ .... يا جماعة بعد بوفية الفطور وهذه الوليمة نسأل الان عن الغداء؟! .... 

أنا: الغداء بعد ساعة ونصف من الان .. ولكن بشرط أن نقضي ذلك الوقت مشياً في قشتاد ونعود مشياً إلى السيارة البعيدة ... ومن ثم نذهب إلى الغداء في ذلك المطعم المختبىء خلف اربعة جبال وليس بعيداً عن قشتاد .

ثم صرخت فطوم: مرددة سنأكل (الروشتي) ... الروشتي عبارة عن البطاطا المبشورة وبالفرن مع الزبدة تخدم ساخنة وتقدم مع الطبق الرئيسي حسب الطلب وهي اطيب من البطاطا المقلية ... أنا شخصياً أفضله مع الباستا كطبق جانبي .... فعلاً لذيذ . 

نورة زوجة ابني او العروس تقول: وتسألني: من أين لك كل هذه الدلالة (المعرفة بالاماكن) بين هذه الجبال والمكان الغريب يا عمي ؟ 

أنا: قبل وفاة زوجتي أم عارف رحمها ألله أو بعد زواجي بها بقليل زرنا تقريباً جميع دول أوروبا وأسيا وأمريكا ثم وصل ابني عارف وحد قليلاً من ذلك الاندفاع السياحي ولكن لم يوقفه، وتمت الزيارات إلى دول العالم متفاوته حسب الاوضاع الصحية للام والمادية أيضاً، ولكن أتت ميثاء وزادت المسؤوليات ولكن يبقى ذلك الاندفاع مستمر معها حول العالم، ودليلاً على ذلك كما ترين يا ابنتي هذا أنا اتنقل بكم من دولة لدولة حسب إجازاتكم، لأنني ارى نفسي فيكم ... ويبقى الحمل كبير بعد مغادرة شريكة الحياة رحمها ألله .. ليس حمل المادي ولكن حمل الفقدان والوحدة المريرة ، يصبح ذلك الانسان المنتشىء بشريكة عمره وحيداً، ولكن الرب عز وجل عوضني بكم جميعاً وتسعدني ابتساماتكم عندما نكون مع بعضنا، أنا يا بنتي كل ما اتطلع لهُ هو أن توفروا وقت للقراءة والاطلاع لتكونوا أكثر وعياً وفهماً للحياة والعالم .. الثقافة والوعي هن حماية لذلك الانسان الواعي والدولي وعالمي بفكره وبمعتقداته وبعيداً عن التحزب والانطواء خلف تلك المجموعات المنطوية والمتطرفة في كل شيء، الحياة جميلة الحياة حلوة .. لو لم تكن الحياة جميلة لما خلقنا الرب لها ، التعامل مع الاخرين وكسب رضاهم وودهم شيء جيد (قيمة مضافة) لكل شيء بالحياة ، وصيتي لكم أن تسعدوا وتستأنسوا وتبتكرو الكثير ، واياكم وتخلي عن الوطن مهما حصل من تطورات في عالمنا العربي المتوعك هذه الايام بسبب التدخلات الغبية من قبل المجموعات الظلامية ... كونو أكثر حذراً وبتعدو عنهم  .... أما عن سؤالكِ .. ها أنتم تكتشفو الكثير في رحلاتكم معي وبرامجنا لن تنتهي أبداً بأذن الله ما دام راسي يشم الهواء .. ولكن بعد فترة وجيزة عليكم الاعتماد على انفسكم في كل شيء .. وعندما تتصعب الامور عودو إلي وسأعطيكم أقرب الحلول بأذنه تعالى .

أعلموا أن خطاكم خطوتان خطوة لكم وخطوة عليكم فانظروا أين تغدون وأين تروحون،،، وحذروا من الاحضان المسمومة لأنها تأتي من الأصدقاء دائماً .

أنا متأكد في يوم من الايام لن تسألوني عن اشياء كثيرة .. بسبب توفر غوقل وعياله .

أنا: استعدو غداً صباحاً سنتحرك إلى مدينة زيورخ .. والمسافة إلى هناك ساعتان أو أقل بدون الازدحامات والانفاق الطويلة .

نورة: يا عمي نحن اليوم هو أول يوم لنا في قشتاد !

أنا: كلامكِ صحيح .. ورحلتنا في سويسرا عشرة أيام، وأنا لدي برنامج ممتاز لكم جميعاً، يوم في قشتاد بأكمله واليوم الاخر نزور فيه مدينة من مدن سويسرا الجميلة، وهكذا نكون انصفنا الرحلة بشكل غير ممل وبأكتشافات وافرة وبالاضافة تتكون لديكم فكرة عن النظام في هذه البلاد مع درجة من الدلالة والتي ستنسخ بهواتفكم، يعني لو قلنا عشرة أيام .. يوم بقشتاد ويوم خارجها ستكون الحصيلة خمسة مدن كبيرة ، لأن المكوث في هذه القرية الصغيرة ممل جداً دون التحرك والاطلاع ومع كمية هذه الثلوج التي تعيق المشي والجري .. أنا سأجعلكم تتمتعون بزيارتكم لسويسرا الجميلة والنظيفة أكثر مما تتوقعون .

ابني عبدالله: ولكن الا تعتقد بأنك ستتعب وأنته تقود هذه السيارة ؟ 

أنا: يا ابني عبدالله يا حبيبي اسمعني جيداً .. السياقة على الجليد لايتقنها إلا من تعامل معها لسنوات، وإلا سيسقط من ارتفاع الاف من الامتار في سحيق جيوب هذه الجبال المخيفة ويضحي بكل من معه ... وبعدين لا يتعب من يكون معكم أنتم يا حبيبي .. بل يتجدد نشاطه ويعود لتلك الفترة الزمنية التي تحتاج الكثير لشرحها .

كما قال الشافعي:( كن رجلاً على الاهوال جلداً ,,,,, وشيمتك السماحة والوفاء
                      ولا تجزع لحادثة الليالــــي ,,,,,, فما لحوادث الدنيا بقـــا)

أنا حقيقةً سعيد بتواجدي معكم كاوالدكم وكاصديق يستمع لكم وتستمعون إليه ... وها نحن من قصة إلى قصة على هذه الطرق الجميلة والمناظر الخلابة وهذه السهول الخضراء والمملوءة بالزهور و الخزامى على مد النظر مطعم بأحواض ثلجية ، صورة معبرة عن حقيقة الشتاء الطبيعي .. وليس الشتاء الساخن والقصير لدينا بالوطن .

واضح بأننا على مشارف مدينة زيورخ الجميلة .

فاطمة: أين ستوقف السيارة يا باباه؟ واضح بأن المدينة مزدحمة جداً .

أنا: لا تنشغلي بهذا الموضوع فقط ركزي على تلك البحيرة وجمالها وتلك السفوح ومنازلها ومبانيها .. أنا اعرف أحد الفنادق في مدينة زيورخ وهذا الفندق لديه عدة مواقف للسيارات ويقبل عشرة مارك مقابل وقوف السارة في أحدى مواقفه .. أنا سأتصرف ولكن عليكم أن تأتو معي لمعرفة جريان الحديث في هكذا مواقف ولتكسبوا خبرة تفيدكم مستقبلاً .. هيا بنا إلى الكونسيرج بالفندق .

هل رأيتوا كيف العملية تتم، دفعنا وأوقفنا السيارة دون أي سوء فهم .. والان هيا بنا ننطلق إلى داخل المدينة مشياً في هذه الاجواء الممتعة والباردة .. غريبة !! لم تتساقط الثلوج بعد على مدينة زيورخ ولكنها مرشحة على السقوط في أي وقت، والان تعونا نقطع الشارع العام إلى البحيرة ومن ثم إلى الجسر الكبير ومنه إلى مركز سوق الجمعة الذي يقع خلف المصرف المركزي لسويسري ومنه إلى بداية شارع البانهوف شتراسا الذي سيأخذنا إلى داخل وسط المدينة ومحطة القطارات، يعني الولوج إلى قلبها مباشرة (زيورخ) ... وفي هذه اللحظة استأذنكم في أغنية جميلة (أجنبية) أنا أغني وهم يضحكون .. بعد الاغنية وصلنا لمقهى (شبرينكليه) المشهور بشهرة سويسرا نفسها، والجماعة مصرين على الهوت شوكولاة أما أنا فلايعجبني إلا فنجان قهوتها الفواحة والمركزة وبعض قطع الشوكولاة الخاصة بمصانعهم (الشبرينكليه) .. ثم واصلنا السير إلى محلات غلوبس ويالمولي وغيرها إلى أن وصلنا إلى محطة القطارات الكبيرة والاسواق التي تقع تحتها مباشرة وتلك التماثيل الكبيرة على مداخل المحطة، تماثيل الشخصيات التاريخية لسويسرية ... سألتني ابنتي فاطمة عن الجانب القديم من المدينة إذا كان هناك جانب قديم فيها .. وجاوبت بالايجاب .. نعم علينا قطع النهر من أحد الجسور للدخول من بداية الطرف للمدينة القديمة أو القسم القديم فيها .. هي عبارة مباني وزواريب ضيقة مملوءة بالمحلات الرخيصة والمقاهي ، ولكن تقع على تل لا يتطلب معرفة حيث أن المشي صعوداً يدل على التل إلى أن تنتهي المدينة القديمة وثم ينزل ذلك التل بالقرب من محطة الترامات بجانب الجسر الكبير والبحيرة .. بالقسم القديم بالمدينة ستجد كل ما تبحث عنه وأكثر بكثير .. ولكن هناك رقي في تصرف الشعب لسويسري حتى لو هو غير واضح يكفي أن تستشعر ذلك الرقي في كل شيء ابتداءً من التعامل مع السواح وغيرهم وينتهي بالنادلة التي تضع فنجان القهوة أمامك، يكفي أن ترى أناملها ملى بالمجوهرات والماركات العالمية وفوق كل هذا هناك نظرة في التعامل تشير بكل وضوح لذلك الرقي .
أما المدينة فهي زاهية بكنائسها ومبانيها الكبيرة والجميلة ونهرها الذي يتخللها بعرض مائة وخمسون متراً.

فاطمة: موعد الغداء قرب .. وفي خاطري اليوم بيتزا بمطعم الايطالي الشهير بــزيورخ  (Mascotte Italian Bistro) الذي يقع بجانب مواقف لترامات أو مقابلها تماماً وبجانب الاوبرا .. وافق الجميع على الفكرة .. وأنا قلت لنجعل الغداء خفيفاً بالبيتزا والعصير .. وهكذا أنتهت زيارتنا لمدينة زيورخ التي استمرت لأربع ساعات فقط مشياً متواصلاً مع شراء ابني عبدالله لساعة مونبلا الرياضية والحديثة وأخرى لزوجته نسائية الدزاين ، أما فاطمة استقرت على ساعة سواتش حدثة الشكل وأنا استكفيت بالمشي الممتع والقهوة فقط

والان يا شباب إلى السيارة للعودة إلى قشتاد والفندق .. نحن جعلنا قشتاد امحطة الرئيسية لنا ومن خلالها نزور مدينة لأربع أو خمس ساعات حسب حجم المدينة ونعود مباشرة لقشتاد كل يومين مرة .. والسبب هو حب التنقل في الطبيعة ومشاهدة أكبر عدد ممكن من المدن لسويسرية .

نصيحة يا أبنائي لكم جميعاً من أراد منكم شراء أي اكسسوارات غالية عليه شراءها من المطارات ولديوتي فري (الاسواق الحرة) كي لا تنضغط أثناء العودة للوطن بسترجاع الخصومات الضريبية الخاصة بهم والابتعاد عن نسيانها أو حتى التكاسل في الحصول عليها بسبب قرب الرحلة .. وتتفاجأ بأنك دفعت مبالغ يصعب استرجاعها .. ومرات تكون بالالاف الماركات او اليروات .

فاطمة: هذه تفرقة يا باباه !! تشتري لعبدالل وزوجته !! طيب .. وأنا والبقية بالمنزل؟!

أنا: يا فاطمة نحن الان على وشك الركوب بالسيارة والمغادرة .. ولكن نحن في أول الرحلة وأمامنا الكثير من الوقت، سنزور مدينة بيرن وأنترلاكن وجنيف وغيرها، والماركات السويسرية هي نفسها في كل مدينة وفي كل مطار وما عليكِ إلا الاختيار والانتقاء ولا تزعلين وتحطين في خاطرك، وعندما كنا في شارع البانهوف أنتي لم تطلبي شياءً .. علماً بأني سألتكِ يا حبيبتي يا فطوم .. ولكن فالك طيب .

غادرنا زيورخ في طريق العودة لقشتاد ... سنتوقف بأحدى المحطات للتزود بالوقود .

عبدالله: هذه أكبر من فقط محطة تعبئة، هذه منتجع كامل متكامل، لاحظوا هناك فندق ومحطة ولها مول تجاري وعيادة مع حديقة العاب للأطفال وتسهيلات كبيرة للعجزة والمعاقين .. والادهى من ذلك هناك مطعم سبع نجوم مع المطبخ المفتوح ... ويكمل عبدالله هناك نوعان من وقود الديزل! هناك ديزل للشاحنات وديزل للسيارات الخفيفة .. ما العبرة في ذلك؟

أنا: قد يكون ديزل الشاحنات أكثر أو عالي الكثافة والاخر خفيف .. لا يوجد أي تفسير أخر يا عبدالله .

عبدالله: ولكن الديزل المتوفر لدينا في الوطن هو نوع واحد يستعمل للشاحنات والسيارات الخفيفة .

أنا: لا تستعجل، وتذكر بأن لدينا بأبوظبي المصافي البترولية التي تنتج كل أنواع المشتقات البترولية ومنها الديزل بأعلى جودة ومواصفات عالمية .. ولا يوجد شيء لدينا غير مدروس يا ابني، نحن كلنا ثقة في مؤسساتنا العاملة بكل جهد وجد  لتوفير منتجاتها لنا وللأسواق الاقليمية ... والملاحظ بأن لم يشتكِ أحداً من تلك المنتجات الوفيرة والممتازة .

فاطمة: هل سنمضي اليوم بطولهُ في هذه المحطة؟ اليس أمامنا طريق طويل وضيق ومملوء بالثلوج يا باباه ... أنا تعبت وأرغب في الاستحمام والنوم .

أنا: هذه طبيعة البشر، عندما يأكل الانسان كميات كبيرة يراوده الاحساس بالتعب والرغبة في النوم والاستراحة ... هذا كله بسبب انتقال الدماء إلى المعدة الملئى بالاكل .. واضافة لذلك المشي الطويل ... فالك طيب يا فاطمة .. يالله إلى السيارة .. وبعد مدة وصلنا إلى منطقة سنن وإلى الفندق .. وما أحلاك يا نوم .

صباح اليوم التالي .... رن هاتف فاطمة ... وفجأة الخادمة (سوما) تتصل من أبوظبي يا فطوم كبير كبير مشكلة .. تقصد بأن المشكلة كبيرة .. القطة Aoushi ضاعت بحثنا عنها بكل المنزل ولم نجدها !

ونقلبت ابنتي فاطمة وتغيرت ورتفعت الضغوط بسبب ضياع القطة Aoushi .

فاطمة: أبحثوا بالمجالس والصالات والغرف وتحت وفوق الاثاث .. كل الردود تؤكد عدم وجودها بالمنزل .. وأدخلتنا القطة Aoushi في ضغوطات بسبب ضياعها ونحن نبعد عنها 6000 ميلاً في سويسرا، هناك من يبكي في الخفاء وهناك من فقد تركيزه ومزاجه .. يا خبر لم نكن نتوقعهُ .. يا هذي مصيبة وحلت علينا بسبب القطة Aoushi .

أنا: طيب .. يا فاطمة دعينا ننهي الرحلة والمتبقي فيها أسبوع .



فاطمة: سأحاول يا أبي .

ذهبنا إلى وسط قرية قشتاد والخواطر مكسورة .. ولا يوجد ما يتحدثون عنه! وأنا أحاول خلق القصص والمواضيع لجذب انتباههم بأننا لا نزال في سويسرا وجمال المكان .. وكتشفت بأنني أحدث الجدران .. القلوب والحواس والمدارك كلها مع القطة Aoushi .

أنا: يا فاطمة أرجوكِ تفهمي لبرنامجنا .. نحن في شهر العسل لشقيقكِ عبدالله وزوجته نورة .. ولا يجب أن نتصرف كالأطفال ونخرب هذه الطلعة الجميلة التي تجمعنا جميعاً لأجمل فترة لهم .

اليوم التالي: فاطمة: تحزم حقيبتها .. ماذا تفعلين يا فاطمة؟

فاطمة: أنا سأغادر إلى أبوظبي لوحدي ونتم كملوا الطلعة ! 

أنا: ومن سيسمح لكِ بالعودة لوحدكِ؟ هناك مشوار إلى مدينة جنيف وهناك تغيير في المواعيد وهناك برامج شركة الطيران ستتغير ! وقد تكون الطائرات ممتلئة ولايوجد حجز ، وقد لانجد مقعد بالطائرة وقد لا نجد حتى حجز بأحد فنادق جنيف للمكوث يوم أويومين إلى أن نجد الطائرة .. وماذا نفعل بهذا الفندق المحجوز لمدة عشرة أيام متتالية والاسئلة لا تنتهي .

فاطمة: انهارت وبدأت تبكي كالأطفال بسبب القطة اللعينة Aoushi .. أنا ضائع بين حقوق ابني في هذه الطلعة وشهر العسل وبين ابنتي المتعلقة بقطتها Aoushi وبين هذه المشكلة الغير متوقعة أبداً ... يا من يابله من حلاله علة !!!!

أنا: عندي حل يا فاطمة ... سنغادر سويسرا جميعنا إلى أبوظبي بعد غد .. وغداً لدينا طلعة لمدينة لوتزيرن الجميلة ...

فاطمة : انشالله يا أبي .. بشرط أن أقوم بعمل الحجوزات الجديدة من اليوم لضمان وجود مقاعد .. وتمت الاتصالات بمكتب طيران الاتحاد بجنيف وتم شرح ظروف العودة المفاجأة .. وأتت الموافقة مع حسبة جزئية تكلفة اضافية على تذاكرنا وعتماد الموعد الجديد للعودة بسبب القطة Aoushi ... 

توجهنا إلى مدينة لوتزيرن الجميلة .. كل شيء جميل في تلك المدينة .. من بحيرتها واسواقها ومحطة قطاراتها وميادينها والجسر الخشبي الذي تعرض للحريق قبل سنوات (جسر الحب) .. وابنتي فاطمة أبداً ليست معانا بسبب شرودها تجاه تلك القطة السيامية التي ربتها من صغرها وتعلقت بها .. سألت ابنتي فاطمة مرة عن لو تزوجت ورفض زوجها أخذها للقطة Aoushi معها إلى بيت الزوجية، ماذا كانت ستفعل في تلك الحالة ... ردت علي بأنها ستطلب الطلاق ولا أن تبتعد عن القطة Aoushi .. الحكمة قالت: تأتيك المصائب من حيث لا تعلم .. يا سبحان الله .

الحقيقة تقال: جميعنا بالمنزل نحب تلك القطة Aoushi .. يعني عاملة جو بالبيت ومدللة إلى أخر مستويات الدلال .

استغرقتنا الزيارة لمدينة لوتزيرن اربع ساعات ونصف إلى الرابعة عصراً تقريباً ومن ثم عدنا إلى قشتاد .. ولكن واضح بأن هذه الزيارة لم تكن فرحة وسعيدة مثل زيارتنا لزيورخ بسبب ضياع القطة Aoushi بأبوظبي .. كان في خاطري أفتح محاضرة طويلة بسبب تعلق أحد أفراد العائلة بقطة .. بالسيارة ونحن في طريق العودة لقشتاد .. وكتشفت أني لو فتحت هكذا محاضرة سيبدأ البعض في البكاء والزعل .. ولكن السكوت على أن أفتح صفحة قد لا تنتهي بسبب القطة لا بركةٍ فيها .

واليوم التالي الجميع يوضبون حقائبهم في الصباح الباكر تجهيزاً للعودة إلى أبوظبي .. صاحبت الفندق متفاجأة وأنا ما أعرف ماذا أقول لها .. ثم رديت عليها بأن أمور طارءة حدثت بالوطن ويتعين علينا العودة .. ووعدتها بالعام القادم سنعود ونسكن فندقها الدافىء .. وطلبت منها أن تخصم كل المبلغ إن ارادت للعشرة أيام لأنهُ ليس ذنبها بل هو ذنبُنا نحن بسبب القطة Aoushi .. ولكنها كانت راقية في كل شيء .. وقالت مستحيل أفعل ذلك .. ولكننا ننتظركم العام القادم وناولتها بطاقتي الشخصية التي تحتوي على العنوان والارقام وصندوق البريد .. وشكرتها مبتسماً .. أما البقية فهم في انشغال تحميل الحقائب بالسيارة .. والأستعجال جعلهم ينسون بعض الاحذية وبعض الملابس وأكياس الشوكولاة وأشياء نسيناها بسبب تلك القطة Aoushi .


وبعد ساعة ونصف وصلنا مطار جنيف ومباشرة إلى موقف تسليم السيارات المؤجرة وأخذ الباص إلى المطار .. وكان الادخال في الساعة الثانية عشر ظهراً .. ودخلنا بعد تسليم كل الامتعة .. مطار جنيف يظلمنا في موقف الطائرة .. الطائرة تقف في أخر الكاريدور الطويل والطويل والطويل إلى الاخر .. لماذا ؟ لا أعرف . . جلسنا بجانب الاسواق الحرة بالمطار لأخذ بعض المشروبات والمياه .. ثم دنوت على فاطمة وقلت لها أنا لازلت عند وعدي لكِ .. هيا نذهب إلى أقسام الساعات أو أي شيء أخر أنتِ ترغبين به يالله .. قالت أولاً أنا أسفة على كل ما حصل يا والدي يا حبيبي أنا أعلم مدى كبر قلبك وأعلم بأنك تسعى لأرضاء الجميع وأكثر .. ولكن ماذا أفعل أحب تلك القطة وربيتها من كل قلبي وداريتها إلى أن سارت قطعة مني ياوالدي .. وأنا أردد أعلم أعلم يا فطوم .. حقيقة خيرتها بين ساعة قيمتها في حدود ال30,000 الف درهم أو خاتم بناتي حديث قيمته 80 درهم تقريباً .. ففضلت الخاتم على الساعة الغالية .. وبعد ذلك ذهبت فاطمة إلى مديرة محل العطور والشوكولاة وطلبت من المديرة بتجميع كل كمية الجولدن بار شوكولاة المتوفر في ذلك القسم بالمطار وشوكولاة الكوينز او الدراهم (على شكل العملات) ووفروا كرتون كبير لصف تلك الكمية به .. وستوزع على كل زميلات العمل والصديقات وما تبقى سيبقى بالمنزل .


أنا: الرحمة بأوروبا يا فطوم .. نشفتي الاسواق الحرة بمطارات أوروبا .. هذا وسفرك لأربع أيام فقط ! كيف لو كان لشهر أو شهران ؟ الحق يقال أينما حلوا الناس الطيبين تبقى لمساتهم واضحة .. أما أنا فكتفيت بمجموعة أفتر شيف ممتازة بعبق الليمون (فرش) والمعاريس طلبت منهم العذر وعليهم التعويض في هذا السوق .. وقلت لإبنتي نورة يا الغالية وزوجة الغالي عبدالله هذه فرصتك .. عندك الضوء الاخضر عليك بالزين وما تردكِ إلا يديكِ .. ابتسمت وقالت يا عمي مايحتاي أنا أعرفك .. أنته لا ترتاح الا برضاء الجميع .. ولكن سأخذ مجموعة عطور أعرفها .. وعليكِ يا نورة بالشوكولاة أيضاً.. الربع هناك ينتظرون الصوقة .. أنا سبق وكلمت المديرة بأن تجمع الفواتير كلها والسداد من بطاقتي الائتمانية .. ثم أتى البيجنق عن رحلتنا وعلينا الاستعداد للرحلة التي ستصل أبوظبي في السادسة صباحاً .

قبل الركوب بالطائرة وصل أتصال يشير بأن القطة Aoushi ظهرت من مخبأها.. وأن ميثاء ستجلب القطة Aoushi معها إلى المطار غداً أثناء وصولنا بأبوظبي دار الظبي دار زايد دار الجميع .


تمت .... محمد غيث بن مهاه المزروعي