الثلاثاء، 17 مارس 2015

هل تستمر الخيانات ؟... قصة قصيرة

في السبعينات العوائل تتعارف بين مدينة زايد ومنطقة المحاربة والخالدية والبطين ودائرة المياه بأبوظبي، العوائل بسيطة في كل شيء ما عدى بعض الهوامير لكبار والمنعزلين او كنا نعتقد ذلك بسبب حجم منازلهم الكبيرة ذات الجدران العالية وتلك البوابات الكبيرة المقفلة دائماً، عكس بوابات منازلنا التي لم تقفل مرة في عمرها المديد أو حسب ما أذكر .

وترى تلك السيارات البسيطة والرخيصة أيامها تتنقل بالطرق، هذا ان سمحتوا لي أسميها طرق، ضيقة محفرة بمطباتها، فلان لفلاني نعرفه من سيارته الداتسون وفلان بالجيب والاخر بالتيوتا، والدي كانت سيارته أوستين قديمة على ما أذكر وكنا نشغلها بالنصف درهم ، ما ادري أن كان درهم أو ريال او نصف ربيه، المهم كانت عملة معدنية أضعها بمكان المفتاح والفها وتشتغل السيارة، ولكن كل هذا يتم بعد نوم الوالد بعد الغداء إلى قبل صلاة العصر، وعندما تتحرك تلك الاوستين او السيارة اذهب للم جميع الاصدقاء ونذهب في طلعة (كشته) أو طلعة تجوال لمناطق نعرفها بأبوظبي، وهذا هو البرنامج اليومي بعد العودة من المدارس، تقريباً ثلاث طلعات بالاسبوع .

كبرت تلك المجموعة (الاصدقاء) ، أنهت الثانوية وغادرت إلى الولايات المتحدة الامريكية مع مجموعات كبيرة من شباب الوطن ، ونتشروا على الولايات حسب تخصصاتهم وحسب المقاعد المتوفرة وبأي جامعة، وبالغربة أكتشفوا بأنهم ليسوا الوحيدين من وصلوا للولايات الامريكية بل هناك من سبقوهم من أبناء الوطن، وهناك من هو على وشك التخرج منهم .

عادت المجموعة بعد مرور خمسة أعوام دراسية بالغربة ... ولكنهم عادوا بأصدقاء جدد وبأفكار جديدة وعقول مختلفة وثقافة أيضاً مختلفة، لديهم طموح وخطط تطويرية هندسية إدارية استثمارية، هدفهم بناء هذا الوطن الجميل ورفع شأنه .

أحد الاصدقاء الجدد (صالح) أحد أبناء تلك البيوت ذات الجدران العالية والمنازل الكبيرة، يعني أبن أحد الهوامير، صالح طيب ولكن منجرف، صالح ممتاز ولكن متكبر، صالح ذكي ولكن شراب كأس، لهُ صديقات بعدد شعر رأسه .

جارتهم (عليا) جميلة جداً بمقاييس ذلك الزمن، وبيضاء بألوان ذلك الزمن والوقت مقارنة مع البقية من البنات ، ولكن والدها لم يكن هامور كبير ولم يكن جدارهم عالي ولا بوابتهم كبيرة .

زارتهم أم صالح عدة مرات وتأكدت من أخلاق وحشمة بنتهم عليا، ثم خطبتها لأبنها صالح .

صالح تحت ضغط والدتهُ وافق على الزواج من عليا .... وتم الزواج ومرت سنتان على زواجهم ... صديقنا صالح وإبنت الحي عليا الجميلة .

( والان لنستمع او نقرأ القصة بكل أبعادها على لسان عليا )

عليا تقول: وهل هناك أجمل من الزواج بصالح، شاب متحضر مثقف وسيم وله مستقبل واعد، وفي الاونة الاخيرة أستلم زمام امور العائلة، عائلتهم، والده ووالدته وشقيقاته واشقائه، وستلم بعض المؤسسات الخاصة بأبيه، ويدير أيضاً جميع عقارات والده .... وتكمل عليا .... مر على زواجي من صالح ستة شهور إلى اليوم وأنا حامل في الشهر الثالث، وارجو أن تكون امور (امور الحمل) سهلة علي وان لا امر في متاعب واوجاع، وأنا كلي اشتياق لهذا البيبي ولداً كان أم بنت، وكم أتمنى أن افرح حبيبي الغالي زوجي صالح، وبهذا الطفل القادم ستتوثق عرى روابطي بصالح وبين العائلتين أيضاً .... الله يأتي بالامور على خير .

مرت ثلاث سنوات تقول عليا : عليا اليوم لديها ولد وسيم ترى دناها بعينيه، ولا تفارقه وترعاه كأعينها .

صالح: ناجح في تلك المؤسسات، وطور في أنظمتها ودعمها بأطقم متخصصة في مجالاتهم وعتمد سياسة التحفيز للموظفين ويقتطع نسبة مئوية لكل موظف ينتج، بالاضافة إلى البونص في نهاية كل سنة مالية للمجموعة كاملة، درس صالح السوق المحلي والاسواق الاقليمية والمجاورة، وعليه توسعت أعمالة بشكل كبير جداً .

مع كل هذا النجاح صالح يعاني من نقطة ضعف واحدة، وهي المشروب وحبه للجنس اللطيف والعلاقات المختلفة والمتعددة، مع السكرتيرات، الموظفات، الصديقات وغيرها الكثير، دون علم عليا طبعاً .... ولكن هل تطول هذه التصرفات او تستمر؟ وهل ممكن أن تعدي على عليا المثقفة والخريجة والواعية ؟

دعونا نستمع لعليا ونعرف منها إذا مرت تلك التصرفات والخيانات عليها التي يقوم بها زوجها صالح او هل ستتجاهلها وتضحي منكسرة في سبيل استمرار هذا الزواج وخصوصاً بأنه تطعم بالطفل الجميل هذا .

بعد مرور زمن علمت وبعد أن تناقلت المعلومات عبر الافواه و التواصل الهاتفي وغيرها علمت عليا بأن زوجها زير نساء ، أحد السكرتيرات القدام بالمؤسسة والتي تم فصلها بسبب عمرها الكبير وضحالة أنتاجها ، بعد فصلها تألمت كثيرة بعد كل هذه الخدمة الطويلة يأتي من يفصلها بجرت قلم ... وعليه توجهت إلى منزل عليا زوجت صالح وأخبرتها بكل شيء عن زوجها ومغامراته الشينه مع الموظفات والصديقات في تلك الشقة الكبيرة والواقعة على الكورنيش (وكر المتعة والخيانات) 

مرت الشهور وعليا تعلم بكل شيء، وهو (صالح) يعلم بأن عليا تعلم نه وتعلم عن خياناته المستمرة والمتكررة والمتصاعدة في حقيقة الامر .

صالح تمادى كثيراً في صداقاته .... وهي تعلم وتتجرع المر وتصمت ... وتتوقع يوماً قد يعود ويعتدل أو أن الرب يهديه، هي أحبته من أول من أول ما سمعت بأنه سيتزوجها، حتى قبل أن تراه، صالح الوسيم والمُرفه ذو التفكير الامريكي او الغربي ... وكانت تعلم بأن كل بنات الفريج يموتن فيه حباً .... وأغلب العوائل تتمنى أن تزوجه لبناتها بسبب نجاحاته المتواصلة في كل شيء تقريباً، ما عدا في خياناته المتواصلة او كما يقال بأن الزين لا يكمل، تقول عليا .. أعلم بأن مكالماته الهاتفية لا تتوقف .... بينه وبين البنات .

أما تلك السكرتيرة القديمة المفصولة فلم تتوانى في بث الاخبار لجميع معارف الاسرة من خلال ذلك الكتيب الصغير والذي يحتوي على جميع المعلومات القديمة من ارقام هواتف وفاكسات وغيرها .... ويا خبر اليوم بفلوس وغداً ببلاش .

عليا: لم تسكت .... هل يعجبك ما يتناقل بين الاهالي وبين الاصدقاء عننا؟ ولماذا تزوجتني عندما كنت تعلم بأنك لا تستطيع مقاومة شهواتك ورغباتك وخياناتك لي ؟

صالح: انتظر بعض اللحظات قبل أن يجيب على زوجته (عليا) .... ثم قال : ربما لأنكِ البنت التي لم أستطع الوصول إليها !!!! أو البنت الوحيدة التي لم ترم شباكها حولي !!!! أو البنت التي لم المسها إلا في ليلة زفافي كازوجة لي ..... وبالنسبة لي كان كل ذلك تحدي وعلي إجتيازهُ .

عليا: إذاً حقيقة الامر ... كل ما نحن فيه من زواج وطفل ليس لهُ ذنب .... هو اشباعاً لرغبات الجنونية ... وماذا عساك أن تقول عن طفلنا الذي يربطنا اليوم؟ قد يكون طفل لم ترغب فيه أصلاً أن كنت تعتقد زواجنا هو اشباعاً لرغباتك المريضة !! 

ومضت بهم الايام وهي تحاول أن تغير حياته إلى الافضل، وتحاول أن تعيد نفسها إلى قلبه ومشاعره، ولكنها غالباً ما تفشل .

وبعد مدة عاد صالح إلى خياناته المتكرره، جيوبه ملئى بالاموال .... والبنات حولهُ ومعاه في كل سهرة ساخنة وفي الاماكن التي يزورها من فنادق وأندية ليلية وسفرات وطلعات بحرية وغيرها من تلك الانشطة التي لا تضبط الا مع البنات والحبايب ... بعيداً عن زوجته وطفله .

وعليا تعلم بكل شيء وتصبر .... علهُ يعود لرشده .... هو من النوع الذي ان ارتكب تلك الاخطاء ... لا تبان عليه أو أنهُ يتصرف بشكل اعتيادي .... قد يكون ميت القلب تقول عليا !!

عليا التزمت الهدووء وطال هدووءها .... جميع صديقاتها والجيران يتحدثون عن صبرها مع ذلك الزوج الخائن .... ويتهامسون عن صالح ابو ابنها والزوج المحب لزوجته .... ثم تحول ذلك التهامس إلى رسائل وكلمات مسموعة ... ولم يعد همس فقط .

أما عليا الصابرة .. وضعت (القرأن) في يديها ولتزمت سجادتها تصلي وتقرأ، وفي كل لحظة تطلب من ربها أن يهديه وأن يعيده إلى صوابه ورشده .... وأن يعود إلى ابنه، في خلجها تقول كل الرجال يربطهم أطفالهم بمنازلهم وطبيعة الحياة التي تقودنا إلى تنشئة سليمة للعائلة بأطفالها ... هي توفر الوالد .. اقصد والد العائلة ليكون الوضع سليم لنا جميعاً ... ولكنني سأصمت إلى أن يعود لرشده .... ولكن قلبي يتألم وكل أطرافي ترتجف، علماً بأني لم أقصر معه في شيء ، بل العكس ، وفرتُ لهُ كل شيء وأكثر ليحبني ويحب عائلته وطفلهُ .

حقيقة الامر صالح ... يفتقد الانتماء لهم (زوجته وطفله) .... وادخل نفسه في متاهات وفي مراحل أكثر تطوراً .... السفر إلى أوروبا وأمريكا مع تلك البنات وفي كل سفرة تزداد علقاته معهن .... وأما الصور التي تملىء هاتفه مخجلة إلى أبعد ما يتصورهُ الانسان أو العاقل .... يتصرف كأنه لم يرى دنيا في حياته .... هذا وهو أب وزوج لعائلة تخاف الله .

عليا: رن هاتفها ... وردت على الهاتف وكانت صديقتها العنود على الطرف الاخر  ... وقالت العنود: متى سيتوقف زوجكِ عن اهانتك بهذا الشكل؟ .... اسمحيلي أنتِ صديقتي ومن واجبي أن اتحدث معكِ ، ولدي احساس بأنك في حاجة للفضفضة عن هذه الامور التي يعاملك اياها زوجكِ يا عليا يا صديقة الطفولة .

العنود: على فكرة يا عليا .... زوجكِ ليس الوحيد، هناك نسبة كبيرة من الذين تخرجوا من الغرب .... وليس جميعهم .... متزوجون اليوم من بنات العوائل ولديهم أطفال، واطفالهم كبار .... وهم (الاباء) على علاقات سيئة مع سكرتيراتهم الجميلات منهن العربيات والاجنبيات .... وهات يا سفر معاهن، أما الزوجة فلها ولأطفالها سفرة الصيف كل ثلاث سنوات مرة ... وتكون قصيرة .... والتي تجعل الزوج يندب حظه في تلك السفرة مع عائلته ..... بعض الحريم تعلم وبعضهن لا يعلمن عن حقيقة ما يدور .... هناك يا عليا الكثير من الزوجات اللاتي يعانين من هذه المشاكل، وأنت لستِ الوحيدة .

عليا: بماذا تفسرين هذه الظاهرة يا صديقتي وكل هذه الخيانات المستمرة ؟؟؟؟

العنود: أنتِ يا عليا محظوظة !! إلى اليوم لم تطلقي، هناك من طلق أم عياله لأنه تشبع ومل الحياة الرتيبة ومل ذلك الجسد الذي يعرف كل تفاصيلهُ .... حسبي الله عليهم .

عليا: أنا سألتكِ ولم تردي علي .... بماذا تفسرين كل هذا الخيانات ؟

العنود: هذه الخيانات بسبب تلك الغربة الدراسية التي تستغرق خمس سنوات او ست سنوات ، وبعضهم يمكث أكثر من ذلك ... ومرات إلى عشر سنوات ... يكون تخرج وشبع تخرج ولكنه استحلى الاستقرار هناك لأسباب هم يعلموها .... صديقات وانفتاح وتحرر وصياعة وتلك الشواطىء والبيئة التي لا تؤمن بالمحرمات وعندما يعودون لأرض الوطن ينصدمون بالواقع المتحفظ .... ثم تبدأ العلاقات والخيانات على اساس انها شيء طبيعي لهم .

عليا: ماهو الحل يا العنود يا صديقتي ؟

العنود: الحل هو أن تصبري وتسكتِ لعل أن الله يهديه بهدايته ويعود به إلى الصواب، وما ادراك بعضهم عندما يفكر في خريف العمر وفي أهله الذين اتعبهم بتصرفاته قد يتألم ويعود إلى رشده .... فأرجوك أن لا تستعجلي على الامور .

ثم أغلقت الخط العنود بعد أن استودعتها .

تسمرت عليا مذهولة لا تتحرك ..... وعلى خدها دمعة أبت أن تسقط .... كأنها تقول تألمكِ يا عليا سيستمر إلى ما لا نهاية .

ثم قالت في داخلها سأحاول محاولة أخيرة .... لأنها تتوقع الكثير من السلبيات القادمة إن لم يتحسن هذا الكلب ... الذي لا يتوانى في مضاجعت أي كلبة تشبههُ في رغباتها او تطمع في ماله المتزايد والمتعاظم ... وتلك الهدايا التي توزع يساراً ويميناً .

ذهبت عليا إلى بيوت التجميل وشركات الموضة وجعلت من نفسها أميرة في كل شيء .... فساتين وشعر وميك أب وبشرة إلى أن عادوا بها إلى عشر سنوات للخلف، وظهرت بذلك الجمال الناظر والجميل .... ثم عادت لمنزلها ومسكت بكتاب بتلك الصالة الكبيرة بالمنزل تنتظر قدومه ولتفاجئه بسحر جمالها الحقيقي او باللوك الجديد .... بعد قليل فتح الباب ودخل صالح ولم ينطق بكلمة متوجهاً لغرفته وللنوم ..... تركت الكتاب عليا من يدها ودخلت عليه الغرفة وهي منشرحة الوجه مع تلك الابتسامة البريئة والجميلة .

وسألته هل تريد شيئاً يا حبيبي ... (وفي داخلها تقول أه ليته يضمني ويرميني تحته على ذلك السرير الذي ياما شهد من واقعات الحب ) .... ثم أشار بأصبعه إلى السرير والمخدة لينام ..... وعادت من كسرة الخاطر إلى صالتها وهي تتأسف على حظها السيء، والذي لا يبشر بالخير .... لم تعد تتذكر متى نامت معه نومة زوجة بزوجها على ذلك السرير سرير الحب .... قد تكون أخر نومة كانت قبل ثمانية أشهر .... يا لها من حياة تعيسة تقول في نفسها!!

ثم قالت : ماذا يحدث؟ لم يعد لدي ذلك الحب المودوع لهُ في قلبي ... ولكن لو عاد لي ومارس واجبات الزوج تجاه زوجته واراحني برجولته وأطفى نيران الانوثة والاشتياق لدي والمتعاظمة ..... بعدها قد أسامحه عن كل خطاياه وخياناته ... ليتهُ يمارس الخيانة معي أنا زوجته .... عليا واضح بأنها تطلب المستحيل .... صالح يفرغ قوته مع تلك الغزلان يومياً بالثلاث والاربع .... ولا يعود الا بعد أن يجف تماماً .... ثم قالت في نفسها لا يا عليا لا تساومينهُ ولا تتنازلين عن حقك وكرامتك .... وأيضاً قد يكون مشبع بالامراض ولا تشاركينهن تلك الامراض  .... ثم قالت لماذا كل هذا اليأس .... ولماذا تنزلين إلى هذه الدرجة المنخفضة في حياتك ؟ أنتِ الف من يتمناكِ .

في اليوم التالي عليا تلملم بعض حاجياتها وتغادر عش الزوجية الفاضية من معانيها إلى منزل والدها مع طفلها الوسيم .... توجهت إلى تلك الغرفة التي تعرفها أكثر من أي شيء أخر في ذلك المنزل الكبير .... علموا بقدومها ولم يتفاجأوا ... لأنهم يعلمون بأن ذلك سيحدث يوماً .... وستمروا بالتظاهر بأن الموضوع لا يستأهل حتى المناقشة .... بعد اسبوع أرسلت الطفل إلى منزل جدته لأبيه .

مرت ثلاث أشهر ولم يتصل بها، ولكنها تعلم ما يدور هناك من خلال مكالماتها مع الطفل .

ثم قررت عليا أن تتوجه إلى المكتب الرئيسي للمجموعة لمقابلة زوجها صالح .... وبمجرد وصولها سألت تلك الوجوه الجميلة على الكاونترات والمكاتب تسأل عن الزاوية التي تحتوي مكتب أبو طفلها .... ثم دفعت بالباب ودخلت عليه وهو بكل بروده ... وواضع ابتسامة كاذبة على وجهه .... حيته .. وسلمته قصاصة ورق صغيرة مكتوباً عليها بخط جميل .. (أرجو أن تصلني ورقة طلاقي منك اليوم أو غداً ) وغادرت المكتب وهي كلها ثقة في نفسها ... كأنه حمل ونزاح ... وفي اليوم التالي ظهراً  وصل مندوب المجموعة إلى منزل أبيها يسأل عنها ... وبمجرد وصولها إلى الباب سلمها المغلف والذي يحتوي على ورقة طلاقها .

بعد مرور يومان اتصلت صديقتها العنود بها: وقالت: أنا في جيرة من أمري ... هل أبارك لكِ طلاقكِ أم أحزن لكِ حظكِ السيء مع هذا الانسان المريض ؟؟

قالت عليا: بالطلاق أو بدونه أنا أصلاً خارج قلبه وخارج مشاعره وخارج رغباته وخارج كل شيء يمثله .... أما طفلي اتفقت مع والدته على أن يكون الطفل أسبوع لديهم واسبوع لدينا .... وأنا حقيقةً لا ارغب في خلق صدمة لنفسي بأنني تطلقت ونتهى كل شيء ... على أساس أنا خسرت .... بل أحاول أن أكون واقعية قدر الامكان ، وأعود بهذا لثقافتي الغزيرة وطبيعتي المتسامحة التي جعلت الامور هينة وعقلانية إلى أبعد الحدود .... لأنني لم أكن زوجة معهُ ولن أكون زوجته بعد طلاقي .... أنا مهجورة من قبلهُ قبل طلاقي بعامٍ كامل ..... وهكذا اريح لنا جميعاً يا صديقتي العزيزة ... بل أني أتمنى أن الله يسعده مع أي زوجة مستقبلاً .

بعد مرور عام على طلاق عليا .... تقدم لها طبيب هو أيضاً مطلق ولديه ثلاث بنات ، ويعمل طبيب بمركز طبي كبير وخاص به .... وهو في أمس الحاجة لزوجة تشاركة حياته وتطلعاته بحبها وأخلاصها وتستلم زمام الامور في ذلك المنزل الكبير وبتعاون الجميع .

وافقت عليا على الفور بنصيبها الموعود، طبيب يعني عاقل ويعني موزون ويعني احترام ... وهذا كل ما تبحث عنه عليا ... وقليلاً قليلاً انتشر الخبر بأن عليا تمت خطبتها، وبأنها وافقت مبدئياً على الطبيب .

أول من تأثر بالخبر هو صالح طليقها .... بأن هناك شيء مهم سيحدث ولا يجب أن يحدث حسب تفكير صالح .... صالح لا يُريدها أن تتزوج ... وبزواجها هذا ستخدش كبريائهُ وكرامتهُ .

كيف تتزوج وهي أُم  أبنه؟ وكيف تتزوج وهي يوماً كانت زوجته وكيف وكيف؟ هنا ليس صالح من يتكلم  او انسان عاقل ، بل الغرور هو الذي يتكلم ... وعندما يصل الانسان إلى هذه المرحلة ... مرحلة الانصدام مرحلة الصفعة على وجهه ، التي قد توقظه من نومه .

ولم يتجرأ على زيارتها، بل اتصل بها صالح وقال: أنا تغيرت ... أنا اتمنى أن نعود لبعضنا .... فما رأيكِ ؟؟

ردت عليه عليا بكل ثقة وهدووء .... لا والف لا .... هناك من يسكن قلبي (رجل أخر محترم ) ومتعلق به ... أما عن إبني الحبيب فسيكبر وسيتفهم وضعي كيف كان مع أبيه .... وتلك المعاناة (معاناة زوجة) التي تكبدتها والدتهُ يوماً مع أتفه أنسان عرفته في حياتها .... وداعاً .

محمد غيث بن مهاه المزروعي