الثلاثاء، 28 يناير 2014

لعبة طفل - قصة قصيرة

لم يكن لابني زايد من طريقة الا أن يحمل بعض من أحلامه الغضة ويركض بها الى عالي التل الرملي بجانب حينا (مروان - ليوا) ، ليرى تلك الطائرة الورقية المحلقة في تحت الغيوم بألوانها الزاهية، التي أعتاد أن يتابعها في تلك الايام المعدودة (أجازة الربيع) وهي تحاول بحركاتها متأثرة بالرياح تحاول أن تتخذ لها وجهة مناسبة تساعدها على التحليق .
يرى ذلك الولد وهو يجري بها محاولاً رفعها بسرعة جريه، أكثر محاولاته تخيب وبعضها تنجح مع أشتداد الرياح ويفلح في أيصالها الى تخوم السماء .
يتسائل أبني زايد من هو ذلك الولد او من هو قبطان تلك الطائرة الجميلة؟ وكيف يضبطها بأتقان عجيب ويجعلها تحلق وتبقى هكذا واقفة بالسماء؟
يقول زايد:  حاولت أن أتعرف الى ذلك الولد او الطيار الفريد ، ليتسنى لي اللعب معه، ولكن غالباً ما يعود الى منزله بمجرد وصول الاطفال اليه، غداً سأذهب الى (النقى) التل الرملي قبل أن يصل الطيار لاكون في استقبالهُ ونلعب سوياً بتلك الطائرة العجيبة، وهاهو قادم بالطائرة الجميلة، شسمك؟ سيف .. أنا زايد .. كيف يا سيف تجعلها تطير الى ذلك الارتفاع الشاهق؟ .... عادي .. كلما زايدت الرياح كلما كانت عملية طيرانها أسهل ... ولكنك أمس طيرتها الى أن أختفت بالغيوم تقريباً.... وما هذا الطويل بالخلف؟ .... هذا ذيلها .... ويجعلها تتوازن في طيرانها أيضاً.... زين أني صادفتك! ..... هيا ساعدني في طيرانها ..... أمسك الطائرة وأنا أمسك الخيط، وحاول أن تصعد على ذلك التل الرملي، وارفعها بيدك الى أن أعطيك أشارة تركها لتطير .... زايد يحتضن الطائرة ويجري بها الى هناك وهو في قمة المتعة بسبب كسب صداقة سيف العبقري ومشاركته في عملية طيران الطائرة .... زايد يتسائل كيف هذا العبقري يعلم اي قوة رياح ستحمل الطائرة الى بطن السماء! ..... زايد لسيف لماذا لا تزورنا او تلعب معانا بقرب منزلنا؟ ..... يا زايد أنا لدي طائرتي ، وهذه اللعبة تحتاج أن ابعد عن الجميع كي لا تصتدم بأحدهم وهكذا اوصاني والدي، والا سيسحبها عني! 
أنتهت الاجازة وعدنا الى أبوظبي وانا لازلت أفكر بتلك الطائرة وبصديقي سيف، مرت سنوات طويلة وانا عند كل زيارة لليوا أذهب الى منزلهم لعلي أرى سيف، ولكن ذلك المنزل مقفل على طول لسنوات عديدة، تقابلت مع جارهم الختيار (الشيبه مسري) بمسجد مروان ذات يوم، وسألته عن سيف وعن ذلك المنزل وعائلته ان كان يعرفهم، رد الشيبه مسري علي بقوله ..... يا أبني زايد بعد وفاة والد سيف لم تزر والدت سيف ليوا ، ويقال بعد مرور ثلاث او اربع سنوات من وفاة الاب تزوجة الام من أحد أبناء عمها ، وهو رجل أعمال وليس لديه وقت لزيارة ليوا ..... مر زمن طويل .... وبعد عودة زايد من أمريكا فترة دراسية طويلة ..... وبتوصية مني بأن يأخذ جميع أوراقه وشهاداته ويذهب الى جهاز أبوظبي للاستثمار لستلام وظيفته هناك، صادف قائد الطائرة وصديقه سيف بنفس مكتب تقديم الطلبات .... أسمحلي أخي أنته سيف؟ .... نعم .... انا زايد .... أي زايد؟ ..... زايد الي ساعدك على طيران طائرتك الورقية بمروان باليوا .... هل نسيتني؟ ..... مرحبا يا زايد حقيقةً أنا لم أنساك، ولكن مرينا وظروف لا يعلم بها الا الله ..... بعد وفاة والدي رحمة الله عليه ..... زايد .. الله يرحمه ..... خبرني عن أحوالك وماذا تفعل بجهاز الاستثمار؟ ..... صراحةً يا زايد أنا أبحث عن وظيفة بقسم ال أي تي، أنا مهندس كمبيوتر ساينس اند تكلنولجي وحاصل على الماجستير من جامعة نورث أسترن ببوسطن ..... وأنت يا زايد؟ ..... انا مثلك خريج أمريكا وتخصصي هو في الاستثمارات الدولية عموماً من جامعة كارولينا بأمريكا .... وهذه هي الحياة لابد من العودة للوطن بالنهاية وخدمتها .... ياسيف؟ .... أنا في خاطري طيارة ورقية واعود معاك الى ليوا ونعيد تلك الايام ...... سيف يضحك طويلاً .... ليش لا يا زايد .... نسويها مع بعض ..... ولكن علي أن اطلب عدة طائرات اون لين من الامازون .... طائرات مرتبة وتطير بأقل نسمة هوى ومتطورة ..... بمجرد وصول تلك الطائرات سأتصل بك ..... ولكن اليوم يا زايد .... احلف بروح ابويه في قبره أن تتغدا عندنا ولن أقبل أي أعذار مهما كانت ..... لا تحلف يا سيف .... وسأتغدا عنك اليوم ..... ولكن ماذا تنتظر هنا يا سيف؟ .... أنتظر أحد من القائمين على أستلام الطلبات ليستلم طلبي! ...... لا يا سيف الجماعة تطوروا ..... هل ترى ذلك الصندوق؟ ....نعم .... ضع اوراقك بهِ ..... وهم سيتصلون بك .
هيا نذهب يا زايد ..... زايد أنشالله يا سيف ..... وين ساكنين يا سيف ؟ .... بالبيت العود بالمشرف، انا والوالدة وخواني واخواتي ..... زايد : وين عمك او زوج الوالدة؟ ..... سيف: ايضاً هو توفى منذ سنتان تقريباً ..... زايد: لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يرحمه، هذا يعني بأنك مضغوط بالمسئوليات يا سيف ... كان الله في عونك ..... سيف لشقيقته الصغرى .. يا عوشة بايتغدا عندنا اليوم زايد .... منهو زايد؟! .... زايد صديق الطفولة وهو شاب وسيم وخريج أمريكا تقابلنا بجهاز أبوظبي للاستثمار ، وحلفت عليه يتغدى عندنا ..... عوشة: فالكم طيب وفالج ما يخيب رد عليها سيف ..... زايد: منيه هذي؟ ......هذي أختيه عوشة وهي الي شاله البيت وتديره أدارة عجيبة، كل شي لديها بحسبة، وحتى وجباتها التي تطبخها تقول بأنها صحية وعضوية وضحك سيف ..... زايد: يعني الي يتغدى عندكم لا يخاف من الكلسترول والاملاح وغيرها .... سيف: عوشه تخاف على افراد الاسرة بشكل مبالغ فيه..... والجميع بالاحزمة بالسيارات والمشروبات كلها دايت وجميع الملابس قطنية وتراسل منظمات البيئة العالمية وتطلع على أخبارها وجديدها ...... زايد : ياسيف أنت اول واحد اسمعه يمتدح شقيقته بهذا الشكل! .... سيف: لا لا هذه حقيقة كان الله في عون الي بيتزوجها ..... على فكرة هي خريجة جامعة زايد قبل ستة شهور .. والان تعمل بالدائرة الاقتصادية بأبوظبي ..... زايد: الله يوفقها، ولكن لنجرب غداها ..... سيف: غداها ما بيعيبك! ..... صحي أكثر من اللازم وغالباً يكون مشكل ومنوع وكثير الخضروات... ولكن سيطبخون لك يا زايد الرز (العيش) .... زايد: لا لا يا سيف وقلهم لا يطبخون ... انا باكل الي تاكلونه وانا من محبي لبراون بريد الخبز الاسمر ..... سيف: الظاهر أنك من نفس المجموعة يا زايد ..... كما تعرف يا سيف الغربة بأمريكا علمتنا كيف وماذا نتناول من وجبات صحية.. ولا يجب أن نفرط بها ان اردنا الاستمرار بالحياة صحياً ..... سيف: هذا كله على الله يا زايد ..... زايد: ونعم بالله ولكن الله سبحانه قال منك الحركة ومني البركة ..... سيف: صحيح يا زايد ونعم بالله ...... عوشه: أعذرنا يا زايد على الغدا ..... زايد: أي أكلة مع سيف مقبولة حتى لو كلها خضار وما فيها ملح ..... عوشه: هيييه خبرك سيف عن الطبخ ..... زايد: تعرفين يا عوشه أنه كان بيوديني للمكدونلدز نتغدا فيه! .... زايد: ناظر سيف وضحك طويلاً وسيف مستغرب ويحلف لعوشة بأن زايد ينكت معاك ..... عوشة: هذا أنتم خريجين أمريكا ما تحبون الا الوجبات السريعة .... سيف: الحين ستبقى تردد هذه المعلومة شهر كامل يا زايد ..... زايد: عوشه وايد جادة وفعلاً ما يفوتها شيء ... وكيف يا سيف متحملنها؟! ...... سيف: أتصدق يا زايد أحاول أرفع وزني خمسة كيلو فقط وبسبب الاكل هذا اشوفني في تناقص ..... زايد: عندي الحل ..... سيف: خبرني أرجوك ..... زايد: سأتزوج عوشة وا أفكك منها ... ولك أن تعتبر هذه الجملة خطبة رسمية .... سيف: فاجأتني يا زايد !!! ...... زايد: قم يا سيف وقل لها زايد يرغب بالزواج منكِ .... وبعد الانتهاء من الغدا ارغب في ثلاث دقائق نظرة شرعية بوجودك ياسيف معنا ولا يحتاج أن ترتب نفسها ..... بصراحة هكذا شخصية تعجبني يا سيف .... سيف لا يزال في حالة توهان .... الامور مفاجأة من العيار القوي! ..... سيف : لحظة يا زايد .... غادر سيف الى داخل الصالة النسائية ..... يا عوشة زايد يعرض عليك الزواج منه ؟ شو شو شو ؟!! شتقول؟ .... سيف: زايد شاب خريج ولهُ مستقبل واعد ، وتخذ قرار سريع وقبل أن يراكِ .... والان هو يطلب يدك رسمياً ويرغب في ثلاث دقائق نظرة شرعية الان ونحن نحتسي فجان قهوتنا ..... أنا أنا أنا الحين الحين؟؟؟!!!! .... يا عوشة قد يكون الله سبحانه رايد هكذا .... ان كان لديكِ القبول .. فلا تترددي رجاءً ..... عوشه: أنت ياسيف موافق؟ .... سيف أنا اقول هو المناسب و الانسب لكِ .... زايد من صغره صاحب شخصية قوية أجتماعية ويقوم بواجباته الدينية، ولكنه متحضر متطور العقل .
عوشة: طيب باغير ملابسي وبا صلي أستخارة وبا طرشلك مسج .... الي تشوفينه يا عوشه سيف يرد عليها وهو مرتبك .... بس لا تطولين بالوقت ..... عوشه أنشالله يا خويه .
بعد نصف ساعة عوشة تدخل عليهم ..... أية من الجمال ..... وجه كله براءة .... أصيلة محافظة ..... أجتماعية الشخصية .... لا ينقصها شيء أبداً ..... زايد: مبتسم .. أكلك غداءك يا عوشه معتدل وصحي ما شالله عليكِ .... ولكن لا يرفع وزن سيف! كما يقول يدعي .... زايد: عوشة فكري جيداً اولاً انا كلمتي لصديقي سيف لا تنزل الارض في خطبتي لكِ .. ولكن الشور شوركِ أنتِ ... ارجو أن يرد علي سيف غداً .... قبل أن تخرج عوشه .. زايد يقول: يا عوشه انا متأكد أن تزوجتكِ سأكون سعيد بحياتي .... عوشة ساكته ولم تخرج منها كلمة واحدة .
رن هاتف زايد: سيف يقول عوشة وافقت يا زايد .... الساعة السابعة شقيقاتي وعماتي سيكونون بالمنزل لديكم .... وتحرك الوفد النسائي الى منزل عوشه عشر سيارات ، الشقيقات والعمات وبعض الصديقات والخالات ... لرؤية عوشة والحكم على ذوق زايد في أختياره لشريكة العمر (عوشه) .
وصل الوفد النسائي لمنزل عوشه .... المنزل بهِ مجموعة كبيرة من النساء والبنات .... بعد الترحيب الحار والسؤال عن الاحوال... الوفد: جميعهن يناظرن عوشه وتلك العيون والوجوه بها طمأنينة لذوق زايد .. علماً بأن زايد خطبها من أخيها قبل أن يراها، ولكن الله سبحانه وتعالى لهُ في ذلك شأن .... شقيقة زايد : يا سلام والله يبارك عوشه وايد حلوة ... زايد محظوظ .... والله يتمم على خير ..... وديمة شقيقة سيف الاخرى لها نظرة هي أيضاً .... مشالله عليك يا ميثا أنتِ بعد وايد غاوية (جميلة) ... ميثا شقيقة زايد .... أضني ما بنسير بعيد تقول وديمة ..... نحن بعد ندور حرمة لشقيقنا سيف ..... خجلت ميثا من ردت فعل وديمة ... وتلاشى قليلاً ذلك الاندفاع لموضوع زايد من ميثا .... او أنها أحست بالرغبة الحقيقية بكلمات وديمة عندما قالت بأنها تبحث عن زوجة لشقيقها سيف .... وقفت وديمة أمام الجميع وقالت : خارج موضوع زايد وعوشة ... أنا هنا أمامكم أعلن طلبنا ليد ميثا لشقيقي سيف رسمياً ..... والكل سعيد ومبتسم لهذا الخبر السعيد .
مرت أسبوعان .... زايد يهاتف سيف: اذا ستأخذ برأيي ... رأي خبير أقتصادي .. علينا أن نجعل العرسين بحتفال واحد لداعي التوفير يا سيف ..... ماهو رأيك؟ الرأي حي (كما تقول) ولن أخالفك ..... اذاً تعنى نقوم بالحجوزات بنادي الضباط للرجال والنساء كلٍ بقاعة .... سيف: ولكن متى موعد العرس؟ .... الاسبوع القادم بأذن الله ... نرجو أن نحصل على القاعات لننتهي .... وفعلاً تم الحجز وعدت الايام وتزوجوا الاثنين شقيقات كلٍ منهم . ....... بسبب لعبة طفل يوماً ... واليوم أطفالهم يلعبون ولكن على الشبكة العنكبوتية .
بن مهاه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق