الأربعاء، 25 ديسمبر 2013

عوشه أم ليوا وشمسها الصباحية ........ قصة قصيرة

عوشه أم ليوا، بنت ذات جمال أنثوي عجيب.... كعادتها عند كل صباح باكر (فجراً) تخرج خارج منزل أهلها الى خلوتها على احدبتها .... كثب رملي منبسط ... ومعها زمزميتها ذات الورود الوردية ، ومعبئة بشاي الحليب (الكرك بالهيل) وتستعد لاشعال ضوها، وتقول لنفسها .... الشتاء هذه السنة قارص البرودة، ولا بد من زيادة الحطب ... حطب (الارطا اليابس) على النار لضمان الدفوة ... ولا تزال تنتظر صعود الشمس، عوشة او أم ليوا خريجة ومثقفة ... الغت بجسدها الناعم بقرب تلك النار ... ونيستها الوحيدة ... وفتحت الجاكيت وأخرجت مجموعة الاوراق والقلم ووضعتهما بين فخذيها ليتسنى لها التأمل وهي تنتظر شروق وصعود شمسها من خلف كل تلت الكثبان الرملية، وارسلت عينيها الى الشرق تتأملان خيوط شمسها هي فقط، بين الكثبان الذهبية والافق الواسع والبعيد ... وشمسها تتلصص بجبينها على الدنيا، وتسبقها خليط من ألوان ذهبية لا يعرفها أحد، الا من يصحو فجراً، وسرعان ما تذوب كل تلك الخيوط الذهبية بأسرع من ما تتمنى .
كانت نسائم الصباح الاولى ترفع مستوى قشعريرة جسدها المكتنز بعتدال ، وفي قمة أنوثته الناعمة والواضحة .... سمعت ذلك الصرير الخفيف بجانبها، والتفتت وهي تلاعب شعرها الاسود بسواد ظلمة ليل ليوا، وكان الصرير يصدر من زمزميتها الوردية، كأنهُ يناديها لكوب شاي الكرك بال هال يدفيها .... ومدت يدها بين فخذيها للاوراق والقلم، ومن وقت لاْخر تفرك أناملها لتتمكن من التحكم بالقلم والكتابة (شتاء ليوا وبرودته لا تحتمل أبداً) ... ولكن عوشة تحب وتعشق تلك البرودة بجانب ضوها الدافئة والمعطرة بخشب الارطا .
زارتها شقيقتها الصغرى عفرا وقطعت عليها خلوتها .... دلة القهوة بيدها تتعذر بها ولتصب فنجان لشقيقتها الكبرى عوشة ... وبداخلها تقول ما سر عوشة وهذه الضو وخلوة الصباح؟ .... ولكن عدم رغبة عوشة بالحديث معها جعلتها تستشعر تلك الخلوة وعادت الى المنزل جرياً .... عودة تلك الخلوة لها مع تلك اللوحة الجميلة والساحرة ... لو ناظرها غيرها لقال بها أجمل الابيات وأعذب الخواطر ... تعتبر (أم ليوا) ذلك الموقع والصباح والمنظر ملكً خاصاً بها، ولا يجب أن تتشوه تلك اللوحة أبداً، وهي تريد أن تحتفظ بهذا المكان لنفسها، وأن يحرم على غيرها ... وهي تؤمن بأن الابداع حالة وجدانية خاصة ، تمتلك المبدع ولا يملكها ... سألت نفسها متى اخط بقلمي خواطري؟ ... تنهدت واصطدم زفيرها ببرودة جوها وتكثف بخاراً ابيضاً ... فنجانين من قهوة أمي وثم أشرع في خواطري كتابتاً ... انها المرة الاولى التي ستكتب فيها الخواطر أم الابيات، وعلي ان أحتفظ بها سراً كي لا تقع بأيادي الاخرين وتفتضح مشاعري ... قررت كتابة بعض الابيات الغزلية وهي تناظر شمسها ... كأنها تستأذنها ... هي تستشعر تلك الابيات بداخلها، وقررت أن تسيلها على تلك الاوراق ... لعلها تنجح بأظهار ما بداخلها من مشاعر الحب وتصبها نزفاً من بواطن ذلك القلب المنتظر .

قالت كلماتها: كم أنت طويل يا صبرُ .... متى الاقدار تجمعنا سوياً .... فارس الاحلام طال به القدرُ ..... أيا شمس الاحبة اجعليه خليلاً ..... يحتويني بقلبه طول العمرُ .....واشعل حبي لهُ شعيلاً ..... أنا الجميلة بين ذراعيه أكبرُ .... وأمطرهُ بقُبلي لاْستشف قليلاً .

ابياتي جميلة قالت أم ليوا عوشه، ابتسامتهاوكلماتها وردت وجنتيها، كانت من أسعد لحظاتها، تصاعدت تلك النشوة لدى عوشه وتجمدت البسمة بين شفتيها وهي تبصر شقيقتها عفرا قادمة ولم يكن بمقدورها أخفاء تلك الفرحة، الابتسامة والفرحة اعطت شقيقتها الضو الاخضر لتجالسها بقرب الضو على الرمل الذهبي الناعم .... استجمعت عوشه أوراقها وخبأتها بجيبها سريعاً .... ماذا كتبتي ؟ .... تسأل شقيقتها الصغرى.... لا لا لم أكتب شيء .... ما سبب كل تلك الفرحة و الابتسامة .... الا ترين كل هذا المنظر الجميل والرائع الذي يحبس الانفاس ... هيا توقفي عن كل هذه الاسئلة، ودعيني اصب لكِ كوب من الكرك الحلو هذا .
وكلما خطرت تلك الابيات على بالها ارتجفت اناملها وابتسم ثغرها وحمرت وجنتيها، وتقول لنفسها لا يهم، كل ذلك بسبب سري الاول، ولكن سأكررها يومياً وكل صباح الى أن اكون تلك الصورة لفارس احلامي وفارس كل اشواقي ومشاعري المتدفقة بأبياتي يومياً بخلوتي تلك وبمرافقة ضوي ودفئها وشمسي ونورها، وانا على يغين كل ما زادت أبياتي تزيد صورة فارسي وضوحاً وتغذا منها قلبي الخاوي .

وبعد عشرة أيام تمت خطبتها (عوشة او أم ليوا) ... ومر شهر وتم كتب كتابها... وأبقت علاقتها بشمس صباح ليوا سراً، وستمرت في زيارة شمسها كل صباح ولكن بصحبة فارسها الذي تمنت ... واقسمت بأن لا تخبره بسر سعادتها عندما تناظر شمسها ... وترد عليه ... أنا فقط سعيدة بوجودك بقربي حياتي، ودعني اصب كوباً من شاي الكرك، لعله يطربك وتأتيني ببعض الابيات الجميلة بخلوتنا يا حبي وفارس أحلامي .

وعلى مدار أربع سنوات كانت ليوا تجمعهم بشمسها ومناظرها الجميلة .... وبعدها أنشغلت أم ليوا بأطفالها ، ولكن أستمرت في زيارة تلك الحدبة وتغيرت خيوط الشمس الذهبية الى وردية ، ولا زالت تحتفظ بتلك الابيات الاربعة وصداقتها بشمسها واسرارها الجميلة .

بن مهاه













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق