الأربعاء، 1 أبريل 2015

تدوين الخبرات

على طاولة الغداء ... أمس مع أبنائي وبناتي الاحبة، كنا نتبادل الحديث في أمور مختلفة كالعادة .
إبنتي فاطمة علقت على موضوع الخبرات الغير مستفاد منها !!

سألتها: ماذا تقصدين بالخبرات الغير مستفاد منها ؟

قالت: كما تعلم يا أبي عندما يعمل الرجل أو المرأة لمدة ثلاثون أو أربعون عاماً وكلٍ في مجالهُ ومضروبين بأعداد الجميع (القوى العاملة) في مختلف الحقول الادارية والفنية وغيرها من الحقول المهمة بالوطن، وقبل مغادرتهم للتقاعد، لو كلٍ منهم ألف كتاب عن تلك الخبرة التي اكتسبها على مدى تلك الاعوام الثلاثون في حياته العملية لوضع أو وضعوا كنزاً كبيراً بين أيادينا نحن الاجيال الجديدة لا يستهان بهِ .

ممتاز يا فاطمة ... هذه فكرة راقية جداً ، ولكن قد تكون هناك كتب من تلك الافكار بالمكتبات أو بقوقل مثلاً .

فاطمة: أنا اقصد يا أبي من واقعنا نحن ومن شخصيات لامست المجتمع الامارات والخليج وتعاطت مع تلك المشاكل ووضعت الحلول المناسبة لها على ارض الدولة وعلى ترابها، أقصد خبرات من واقعنا مكتوبة في كتاب كبير، او دعني أقرب الفكرة أكثر يا أبي ... مثلاً من عمل بالبلدية وتنقل بين أقسامها على مرور تلك السنوات، يكون هذا الانسان مشبع بالمعلومات والحلول عن البلدية، وتصور عندما تدون هذه الخبرات الكبيرة في كتاب بكل ما فيها من حلول وصعاب ومواقف تم معالجتها، ليس بالضروري أن يكون الكتاب متخصص أو مركز وعلمي .... لا  قد يكون على هيئة قصة أو رواية أو سالفة أو بأي طريقة تناسب ذلك الانسان .

وتكمل فاطمة: هناك مواقف تم وضع حلول لها بشكل ارتجالي مثلاً ... وعلى سبيل المثال طرق التنازل عن الاراضي للاقارب أو وضع خطط للطرق أو طريقة وضع المساحات قبل إنشاء المدن واصدارات المعاملات والاذون للبنيان (انشاء المباني) وماهي طرق وضع ما قبل وضع المواصفات والمعايير وتصاريحها، وكيف تتحدد أشكال المباني والبنايات وماهي المقاييس وما دار بتلك الاجتماعات وكيف توصلوا للحلول المناسبة لهل، وغيرها الكثير من المعاملات اليومية والمواقف التي مرت عليهم بمختلف أنواعها ، وكيف تتم عمليات الرسوم وطرق تحصيلها .
وأكملت: نحن على يقين بأن هناك الكثير من تلك الخبرات التي لم تدون إلى اليوم .... وعندك مثلاً وزارة الخارجية وشركات البترول والمالية والديوان والاشغال وغيرها وغيرها الكثير ... وحتى الامن والجمارك ... (لك يا حمد) .... يا هي خبرات طويلة مهدورة إن لم تدون في الكتب .

ماذا يا فاطمة ان عجزوا عن كتابة خبراتهم ؟؟

لا يا أبي .... الانسان العاقل دائماً حريص ويود أن يفيد مجتمعهُ والاجيال القادمة ويساعدها في بحوثها الدراسية من خلال ما خلفهُ من كتب عن خبرات تلك السنوات الطويلة، وتصور متطلبات المواد التي يتوقف عليها الطالب أو الطالبة قبل التخرج ... بكل هذه الخبرات الكتوبة والمدونة، بل هي حقول من المعرفة وذات فائدة عظيمة للاجيال ولكل المجتمع .... وأنا على يقين بأن الحكومة ستطلب من الجميع يوماً بأن يساهموا في تدوين خبراتهم القيمة في كل شيء .... حقيقةً أنا لا اتصور أنسان خريج وعمل ثلاثون عاماً أو أربعون تصعب عليه تدوين خبراته اليومية أو تكون لديه وفي رأسهُ على طول هذه المدة الطويلة أن ينقلها إلى كتاب يستفاد منه .... وصدقني يا أبي لو كتب هذا الانسان صفحتان بخط اليد يومياً في دفتر جانبي عن كل موقف يومي ووضع الطريقة التي عالج بها في تلك الايام ، لحصلنا منه على كتاب من ستمائة صفحة بالعام بعد خصم الاجازات ... ومضروباً بعدد سنوات عمله .. يا سلام .... بأمكانه أن يعطينا عشرة كتب كامعدل وسط تستفيد منها الاجيال والجامعات والكليات والباحثين ... وتعتبر مراجع لايستهان بها ونعود لها متى شئنا .... ولكن المطلوب أو نتمنى أن يعطي كل واحد أو واحدة (مواطن) الذين خدموا الوطن مدد طويلة كتاب واحد فقط .... تصور عندما تبحث عن الحلول في مجالات مختلفة ولا تجدها، تجعلك تضاعف أوقات التأخير والتحصيل في توسعة الافق العامة (المواد المعرفية المطلوبة عموماً) .... إذاً هناك أهمية كبيرة وأهمية شديدة لمثل هذه الخبرات المدونة .

ثم تتوقف إبنتي فاطمة: وتشرب القليل من العصير .... وتكمل: كم نحن محظوظين بوجودك بقربنا وبجانبنا .... داعماً ومثقفاً ومعلماً لنا .... صدقني حتى بعد أن تخرجنا أصبحنا في أشد الحاجة لكَ يا أبي .... ما شاء الله عليك ... كلما سألنا عن موضوع إداري أو فني أو قانوني أو في أي شيء قد يفيدنا في عملنا اليومي ونحن نخدم الوطن نجده لديك .... حقيقة والحقيقة تقال بأن المواد التي وضعتها في دراساتي وبحوثي الجامعية أغلبها من عندك وصراحة هي التي دعمت درجاتي ونتائجي العليا وكانت السبب الرئيسي في تفوقي وتحصيلي في النتائج النهائية .

وأنا كا أب تكفيني هذه الاشادة والاطراء الحقيقي من ابنتي فطوم .... ويحفزني أن أعطي أكثر للجميع وليس لها فقط .

يا فاطمة الهامور برد والمرقة بردت وأنتي تشرحين موضوع (تدوين الخبرات) .... اتركيها لهم، هم الان يقرأونها وأن أمنوا بها ثقِ بأنهم سيطرحونها كأقتراح لمن اراد أن يدون خبراته ..... وقد تكون هناك محفزات لهم من الحكومة بشكل تشجيع لهم .... وأقربها على القلوب هي المحفزات المادية .

تمت
محمد غيث بن مهاه المزروعي . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق