الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الى ابنائي واصدقائهم (الاعتدال مطلوب)



لقد قرأت هذا المختصر،  وارتأيت ان اهديه الى أبنائي وبناتي واصدقائكم والاعتدال المطلوب بالحياة .

قد تتقابلون مع او تقرأون لمفكرين بعيدين عن الواقع ، لديهم اسلوب وتفكير افلاطوني، ويتماشى واسلوب الواعظين الذين لايجيدون الا اعلان الويل والثبور على الانسان لانحرافه عما يتخيلون من مثل عليا، دون أن يقفوا لحظة ليتبينوا المقدار الذي يلائم الطبيعة البشرية من تلك المثل .


فقد اعتاد هؤلاء المفكرون أن يعزوا علة ما نعاني من تفسخ اجتماعي الى سوء أخلاقنا، وهم بذلك يعتبرون الاصلاح أمراً ميسوراً ، فبمجرد أن نصلح أخلاقنا، ونغتسل من قلوبنا أدران الحسد وألانانية والشهوة، نصبح على زعمهم سعداء مرفهين ونعيد مجد الاجداد .


 انهم يحسبون النفس البشرية كالثوب الذي يُغسل بالماء والصابون فيزول عنه ما اعتراه من وسخ طاريء، وتراهم لذلك يهتفون بملء أفواههم ، هذبوا اخلاقكم ايها الناس ونظفوا وطهروا قلوبكم، فاذا وجدوا الناس لا يتأثرون بمنطقهم هذا انهالوا عليهم بوابل من الخطب الشعواء وصبوا على رؤوسهم الويل والثبور ، واني لا اعتقد بأن هذا اسخف رأي وأخبثه من ناحية الاصلاح الاجتماعي،  فنحن لو بقينا مئات السنين نفعل كما يفعل اجدادنا من قبل نصرخ بالناس ونهيب بهم أن يغيروا من طبائعهم ، لما وصلنا الى نتيجة مجدية ، ولعلنا بهذا نسيء الى مجتمعنا من حيث لاندري .


 اننا قد نشغل بهذا انفسنا ونوهمها بأننا سائرون في طريق الاصلاح، بينما نحن في الواقع واقفون في مكاننا أو راجعون الى الوراء .


 ان الطبيعة البشرية لايمكن اصلاحها بالوعظ المجرد وحده ، فهي كغيرها من ظواهر الكون تجري حسب نواميس معينة ، ولا يمكن التأثير في شيء قبل دراسة اعتمد او جُبل عليه ذلك الشيء من صفات أصيلة، ان القدماء كانوا يتصورون بأن الانسان حر عاقل مختار، فهو في رأيهم يسير في الطريق الذي يختاره في ضوء المنطق والتفكير المجرد، ولهذا أكثروا من الوعظ اعتقاداً منهم بأنهم يسيطرون ويستطيعون بذلك تغيير سلوك الانسان وتحسين أخلاقه .


 دأبوا على مئات السنين، والناس أثناء ذلك منهمكون في أعمالهم التي اعتادوا عليها لا يتأثرون بالموعظة الا حين تُلقى عليهم، فنراهم يتباكون في مجلس الوعظ، ثم يخرجون منه كما دخلوا فيه لئاماً .


 لقد جرى مفكرونا اليوم على اسلوب أسلافهم القدماء، لافرق في ذلك بين من تثقف منهم ثقافة حديثة أو قديمة ، كلهم تقريباً يحاولون أن يغيروا بالكلام طبيعة البشر او الانسان او الناس .


نسوا بأن الخبرة هي التي تتحكم في تصرفات الانسان وامتزاجه مع محيطه القريب والبعيد، والحاجة الانية لكل شيء، هذه هي طبيعة البشر، وخصوصاً الشريحة الواعية منها، يعني الانسان بعد أن يتجاوز سن معين يستقل في كل شيء تقريباً .


بن مهاه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق